صورة الخبر

10:40:29 2024-12-11 : اخر تحديث

11:45:29 2024-09-05 : نشر في

"شبكة التجسس" تكشف صراع الإطار.. هل يكون جوحي خنجر الإطاحة بالسوداني؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

فضيحة جديدة من العيار الثقيل تهز العراق، تتمثل بما عرفت إعلاميا بشبكة التجسس داخل مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي وضعت تحت مجهرها كبار المسؤولين والسياسيين في الدولة العراقية.

ويأتي الكشف عن فضيحة التجسس في الهرم الأعلى للدولة بالتزامن مع فضيحة سرقة القرن وهروب المتهم الأبرز فيها نور زهير، إلى جانب فضائح التلاعب بجداول قانون الموازنة وغيرها من السرقات وملفات الفساد الكبيرة.

وتجلت الفضيحة الكبرى التي طالت سمعة مكتب السوداني وعمله في الكشف عن شبكة وصفت بالتجسس على أطراف فاعلة في الدولة العراقية، تورط فيها أحد المقربين في مكتب رئيس الحكومة، الذي يعمل معاون رئيس الدائرة الإدارية في مجلس الوزراء وأمين عام التواصل الحكومي مع النواب، المدعو محمد جوحي، ويشاركه في إدارة الشبكة مجموعة من ضباط الأمن الرقمي، إذ اعترفت الشبكة بتوجيه الجيوش الإلكترونية، للتجسس على نواب وسياسيين وتجار ومالكي قنوات فضائية، وصناعة الأخبار المزيفة وانتحال صفات لرجال أعمال وسياسيين والتنصت على هواتف نواب ومسؤولين في الدولة.

وفي 19 آب/ أغسطس الماضي، أفاد بيان لمكتب السوداني بأن "الأخير وجّه بتشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتبه، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق"، مؤكدا: "عدم التهاون مع أي مخالفة للقانون".

وقبل ذلك بيوم أفادت مصادر عراقية باعتقال جوحي، الذي يشغل معاون مدير عام الدائرة الإدارية في القصر الحكومي، بتهمة ترؤس "شبكة التجسس"، فضلا عن القبض على أغلب أعضاء الشبكة، بينهم ضابط في جهاز الأمن الوطني وموظفون آخرون في مناصب حكومية حساسة.

وبحسب وسائل الإعلام والمنصات التابعة والقريبة من الإطار التنسيقي، فإن "جوحي كان يسرب معلومات سرية لأجهزة مخابرات أجنبية"، فضلاً عن "تواصله مع سياسيين ونواب بانتحال شخصيات تمتلك قنوات فضائية (سعد البزاز مالك قناة الشرقية) من أجل ابتزازهم".

هل يقف السوداني وراء شبكة التجسس؟

وأكد النائب عن الإطار التنسيقي مصطفى سند وقوع جريمة التجسس من خلال شبكة من كبار الموظفين في مكتب رئيس الوزراء، فيما ألمح إلى إمكانية تورط قيادات كبيرة في الموضوع ومنهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وقال سند في تصريحات صحفية تابعتها شبكة "الساعة": إن "المتهم ورئيس الشبكة يدعى محمد جوحي، يشغل مناصب حكومية عدة، وهي معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، وسكرتير الفريق الحكومي، ومسؤول التواصل مع النواب، وأن كل هذه المهام أوكلت إليه من رئيس الوزراء الحالي".

وأضاف: أنه "المصدر الأول والوحيد الذي كشف عن شبكة التجسس ولم يكن ذلك خطأً، بل تأكد ببيان حكومي رسمي ولم يخرج أي نفي حول الموضوع".

وتابع النائب: أنه "كان أحد المتضررين من الشبكة وأنه دون أقواله كمشتكٍ ضد محمد جوحي"، وأشار إلى أنه "توقف عن كشف المعلومات الخاصة بالقضية بعد البدء بإجراءات تحقيقية سرية لمنع التأثير على هذه الإجراءات".

وعن تفاصيل عمل الشبكة أوضح سند أن "جوحي كان يوجه الإساءة لبعض النواب وبعدها انتحل شخصية مالك قناة الشرقية سعد البزاز، أما الخطأ الذي وقع فيه فيتمثل بأنه لم يقم بتغيير رقمه أو تركه، بل استمر باستخدامه".

ولفت إلى أن "الأمر الآخر الذي كشف عن تورط جوحي بقضية التجسس هو نشر رسالة (اتفق الزعيم والأمين ... القاضي راضي) في إشارة إلى المالكي والخزعلي"، مبينا أن "هذه الرسالة كانت أشبه بالمفتاح، لأن الاجتماع كان سرياً بين قادة في ائتلاف إدارة الدولة ومن المفترض ألا يعلم أحد به غير الحاضرين ورئيس الوزراء ومكتبه".

واستدرك البرلماني: أن "شبكة التجسس استخدمت تطبيقات لاختراق الهواتف تستخدم في جهاز المخابرات الوطني"، منوها إلى أن "هنالك شكوكاً بأن شبكة التجسس بقيادة جوحي استخدمت موارد وأجهزة مديرية الانصات في جهاز المخابرات لصالحها بدون الحصول على أوامر قضائية بالتجسس على الهواتف المستهدفة"، فيما أشار إلى "تورط حيدر ليث السوداني الذي عُين قبل مدة قصيرة مديرا لجهاز الإنصات في جهاز المخابرات".

وتابع سند أن "قوة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة هي من ألقت القبض على جوحي دون علم السوداني ولكن بمذكرة قضائية"، وأشار إلى أن "الضابط الذي نفذ العملية تعرض إلى مضايقات وقد يحاسب لتنفيذه هذه العملية".

وعن علاقة المتهم محمد جوحي بالسوداني قال سند: إن "محمد جوحي قريب على السوداني وهو ذراعه الأيمن"، مبيناً أن "جوحي يمثل حكومة السوداني ولا يمثل حكومة الكاظمي".

وبحسب النائب مصطفى سند فإن "جوحي كشف أن لديه تواصلاً مع جهات خارجية، وإن تم التأكد فعلا من وجود شبكة علاقات خارجية يعمل جوحي لصالحها قد تتطور قضيته من تجسس فقط إلى تجسس وتخابر، وقد تتورط معه بعض القيادات في الدولة".

لكن عضو مجلس النواب عالية نصيف التي كانت تعرف بقربها من نوري المالكي ثم أعلنت الانسحاب من ائتلاف دولة القانون أكدت أن الحديث عن وجود شبكة تجسس في مكتب رئيس الوزراء كلام غرضه الإثارة الإعلامية ولا وجود له في الواقع، وبينت ان الرسائل التي أرسلت للعديد من السياسيين غرضها الابتزاز فقط ولا علاقة لها بموضوع التجسس.

جوحي خنجر لضرب السوداني

وقالت النائبة عالية نصيف في تصريحات صحفية تابعتها شبكة "الساعة": إن "السوداني ورث تركة ثقيلة من الحكومات السابقة لكن الثقة بين حكومته والشعب بدأت تتعزز"، مشيرة إلى أن "القوى السياسية التفتت إلى أن السوداني يبني ثقة مع الجمهور المتردد والذي يشكل 80% من الناخبين الذين قاطعوا الانتخابات، ولذا بدأت المفاوضات معه مبكراً عبر وضع شروط كشرط الاستقالة قبل إجراء الانتخابات، ثم تقديم عروض له بتعهدات بولاية ثانية مقابل عدم اشتراكه في الانتخابات".

وأضافت: أن "السوداني يريد الدخول في الانتخابات المقبلة، ولذلك أُثيرت قضية جوحي في هذا التوقيت بالذات لأنه رفض كل الشروط والعروض، وفضّل خيار خوض الانتخابات"، منوهة إلى أن "خيار السوداني خوض الانتخابات أثار مخاوف الإطار التنسيقي".

وتابعت: أن "إعلان نور زهير تورط جهات سياسية في قضية سرقة القرن، ووقوف السوداني بوجه قضية التلاعب وإضافة 15 تريليون دينار إلى جداول موازنة 2024، والتي كان من المقرر أن تذهب إلى شركات معينة، من كل هذه القضايا لم يكن يراد لها أن تمر مرور الكرام، بل هناك ثمن يجب أن يُدفع، ولذا أُثيرت قضية جوحي لاستهداف السوداني".

وشددت نصيف على أن "غالبية الأطراف السياسية تعرف أن قضية جوحي هي مجرد صناعة، وبينت أن سيناريو سحب الثقة عن حكومة السوداني يجب أن يوضع في خبر كان، لأن هناك رضًا برلمانياً كبيراً جدا عن أداء حكومته".

وزادت: أنه "لا يُراد للسوداني أن يصل إلى سقف الرضا الشعبي والسياسي الحالي، ولذا حدثت الهجمة الأخيرة ضده".

واستدركت: أن "الحديث عن وجود 200 رسالة في هاتف محمد جوحي صحيح، لكن القضية ليست كما توصف كشبكة تنصت، بل انتحال صفة سعد البزاز لمراسلة عدد من النواب والساسة، ولم نعرف ما إذا كانت الرسائل ابتزازاً أو غير ذلك، والقضية اقتصرت على رسائل فقط، ولم يستخدم جوحي إمكانيات الدولة، أو جهاز المخابرات والأمن الوطني، ولم يستغل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة، كان الموضوع انتحال صفة فقط"، مؤكدة إن "السوداني يتعرض الآن لعملية ابتزاز كبيرة من قبل بعض الكتل السياسية، مقابل دعم اقتصادياتها بالمشاريع، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء، فالكتل تريد لاقتصادياتها المزيد من التضخم، والأمر لا يقتصر على كتل الإطار فالجميع يملك مثل هذه الاقتصاديات".

صراع الأطراف المختلفة داخل الإطار

وفي قراءة للتصريحات المتناقضة حول وجود شبكة تجسس في مكتب السوداني من عدمها، أكد المحلل السياسي غانم العابد أن ما أثير حول القضية يرتبط بشكل كبير بالسباق الانتخابي والصراع الدائر بين أقطاب الإطار التنسيقي.

وقال العابد في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الحديث عن ارتباط شبكة التجسس برئيس الوزراء الحالي أو سلفه مصطفى الكاظمي، سابق لأوانه، ما لم تقم الحكومة العراقية بعرض نتائج التحقيق أمام الرأي العام، لأن التكتم عليها سيجعلها هي المتهمة بها".

وأشار العابد إلى أن "تلميح النائب مصطفى سند إلى أن السوداني وراء شبكة جوحي، جاءت بعد ساعات من تلميحات ضمنية صدرت عن نور زهير (المتهم الأساس بسرقة القرن) بأن سند أراد ابتزازه".

وأضاف: أن "تصريحات النائب مصطفى سند تفسر أنه ليس هو الفاسد الوحيد، وإنما الكل فاسدون، وهذه الاتهامات ستوزع بين جميع الأطراف، ما ينذر بموسم انتخابي تدخل فيه حرب ملفات وتسقيط".

وأشار العابد إلى أن "طرح موضوع شبكة التجسس مرتبط بالصراع السياسي الدائر بين أطراف الإطار التنسيقي المختلفة أساسا"، موضحا أن "الإطار يعيش انقساما كبيرا بين الحرس القديم الذي يقوده المالكي وفالح الفياض وهادي العامري مقابل الحرس الجديد الذي يمثله السوداني وعمار الحكيم وقيس الخزعلي وحيدر العبادي"، مؤكدا أن "هذا الانقسام ولد انقسامات جديدة، بحيث أن الخزعلي لا يدعم السوداني بسبب عدم منح منصب رئاسة الحشد لليث الخزعلي شقيق قيس الخزعلي".

ونوه إلى أن "المالكي ما يزال عمود الإطار التنسيقي، لهذا عمل خلال هذه الفترة على تقطيع أجنحة السوداني لمنع وصوله إلى الولاية الثانية لرئاسة الوزراء".

ورأى العابد أن "رئيس الوزراء الحالي لن يفوز بـ 50 مقعدا في الانتخابات المقبلة، ما يعني أن حصوله على ولاية جديدة ستكون من الصعوبة مهما حاول".

تصعيد من يمين الإطار

وتحاول وسائل الإعلام القريبة من قيادات الإطار التركيز على أن القضية التي أثيرت هي قضية تجسس، حيث شبهت منصات إعلامية تابعة للإطار القضية بفضيحة "ووترغيت" التي أدّت إلى استقالة الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون عام 1972.

ويؤكد مقال منشور في وكالة "المعلومة" المقربه من كتائب حزب الله أن "فضيحة جوحي أكثر خطورة من القصة الأمريكية، إذ إنّ نيكسون الجمهوري كان يتجسس على مكاتب غريمه الحزب الديمقراطي، لكن السوداني فكان تجسّسه ضد الحلفاء والموالين وهدفه الهدم والابتزاز"، بحسب الوكالة.

اخترنا لك