صورة الخبر

2024-06-26 10:26:32

اليوم العالمي لضحايا التعذيب.. صرخات من سجون العراق تنادي بالعدالة والإنصاف

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يصادف الـ 26 حزيران/يونيو من كل عام، اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، إلا أن السجناء العراقيين إلى الآن يتطلعون إلى من ينصفهم؛ إذ ما زالت السجون العراقية تكتظ بالعديد من الضحايا الذين زجوا فيها بوشاية المخبر السري أو بدوافع طائفية، دون رقابة وبعيداً عن أنظار منظمات حقوق الإنسان الدولية.

وهذا حسن عبد الستار المشهداني بعد 17 عاما من اعتقاله في سجن "أبو غريب" مازال يتذكر فظائع التعذيب التي شاهدها فيه وكأنها شريط يمر أمام ناظريه يوميا.

وسجن "أبو غريب" حالياً اسمه سجن "بغداد المركزي" ويقع قرب مدينة أبو غريب والتي تبعد 32 كلم غربي العاصمة العراقية بغداد واشتهر لاستخدامه من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وإساءة معاملة السجناء داخله.

والمشهداني ذو 51 عاماً من العشائر العراقية في الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار، متزوج وله 7 أبناء، تعرض للاعتقال في سجن "أبو غريب" عام 2005 وخرج بنفس العام، وهناك شهد تعذيبا نفسيا وكان شاهدًا على فظائعه وجرائمه.

كما تعرض المشهداني للاعتقال مرة ثانية عام 2008 لأكثر من 4 سنوات، من قبل "العمليات المشتركة العراقية" (أسسها رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي) وهناك أيضا كان شاهدًا على عمليات التعذيب التي حصلت في ذات السجن، معربا عن "أسفه للحال التي آل إليها العراق".

المشهداني المتواجد في مدينة إسطنبول التركية روى لوكالة "الأناضول" تفاصيل اعتقاله والتهم التي وجهت له وما شاهده بسجن "أبو غريب".

وقال المشهداني "في العام 2005 اقتحمت قوات أمريكية مدججة بالسلاح والعتاد بيتي رغم علمهم أنه بيت شيخ من مشايخ العراق، وفجروا الأبواب وكنت في المنزل مع والدي فاستغربنا واعتقدنا أنه قصف للمكان".

وأضاف "بعد لحظات دخل الأمريكيون المنزل وتقريبا كل غرفة دخل بها 30 جنديا (..) وتم اعتقالي ووالدي وأخي".

ويشير إلى أن "عملنا الرئيس هو التجارة، كنت مقيما في الأردن وهناك خط تجاري بين الأردن والعراق في المعدات والسيارات التجارية".

وحول التهم التي وجهت له قال المشهداني "في ذلك الحين لا يوجد شيء ملموس يتهموننا به، وبعد الاعتقال والتحقيق المبدئي الأولي كانت تهمتي مصنّع أسلحة الدمار الشامل، حسب مذكرة الاعتقال، وهو أمر نستغربه، ولكن هذا ما قرأته وبعد تحقيق وعذاب في السجون لم يثبت شيء".

وحول أساليب التعذيب، ذكر المشهداني أن "أول 3 أيام دخلت فيها السجن لم أتذوق الطعام أبدا، أسلوب التعذيب هو تعذيب نفسي وضعوني في زنزانة متر بمتر"، مشيرا إلى أن "هذا ما حدث أيضا لوالده وشقيقه".

وتابع: "قبلها كانت هناك خزانات كالتوابيت بقينا فيها لمدة 3 أيام، يخرجونا فقط للتحقيق ويرجعونا إليها وهي خزانة تنام بها واقفا على قدميك".

وأكد "بعد 3 أيام نقلنا إلى زنازين متر بمتر وكانوا لا يسمحون لنا بالتبول ويسكبون الماء على الأرض والبرودة عالية جدا".

وزاد "هذا نوع من التعذيب النفسي والتجويع والتبول والبرودة العالية دون أغطية أو ملابس (..) تفرقنا أبي في جهة وأخي في جهة وأنا في جهة".

وأشار إلى أن "التحقيق كان يتم بطريقة محددة، المحقق يوجه المترجم بالصراخ علينا، وهو لا دخل له سوى الترجمة، إلا أن له صلاحية بالصراخ وضرب الطاولة ويهم بالضرب إن لم ترد".

وبين أن "الفظائع في سجن أبو غريب كبيرة، هو سجن مقسم لمخيمات ومبنى شهد أمورا لا أخلاقية ولا إنسانية، من تعرية السجناء والرش بالماء شتاءً، وإطلاق الكلاب على المعتقلين، وهناك صورا سربت عكست الأمر وهي صحيحة وواقعية حصلت في ذلك المبنى وغرف التحقيق".

ولفت إلى أنه "سمع بحالات القتل التي حصلت بالسجن، ويتم العزل عندما تحصل أي حالة (..) سمعنا أن رجلا انهارت أعصابه وفارق الحياة، ولكن هناك أناسًا لا تتحمل ما يحصل، وخاصة العراقيين ناس شرفاء وقضاياهم إما مقاوم أو لا يريد الاحتلال، السجون مملوءة بهم وليسوا سارقين أو معتقلين بجرائم أخلاقية".

وذكر المشهداني بحرقة، أن "سجن أبو غريب عبارة عن مبنى سجن داخلي على شكل قاعات لها ممر عريض، في هذا المكان بحسب نظراتنا رأينا النساء (مجندات من التحالف) باللباس الداخلي فقط، يدخلون الكلاب على المعتقلين، ويقمن بأعمال غير أخلاقية، وحدثت بهذه القاعات أحداث كثيرة بمساعدة عراقيين معاونين لهم".

وأردف: "خرجت من سجن أبو غريب في نفس العام، واعتقلت مرة أخرى في العام 2008 من قبل العمليات المشتركة أي العراقية والأمريكية".

المشهداني تحدث عن تجربة اعتقاله الثاني بالقول: "الاعتقال الثاني كان دون مذكرة اعتقال عن طريق ما يسمى المصدر وبعد التحقيق والتنقلات من مكان لآخر وصلنا لغرف التحقيق".

وأضاف "بدأ توجيه الاتهامات لنا من ناس مأجورين ومنها شهادة أحدهم ضدي بقوله رأيته فجر العبوة الفلانية، وضرب السيارة الفلانية وهكذا، وبفضل الله خرجنا منها لأن لا دليل عليها".

وزاد المشهداني: "القاضي يريد دليلا ولو صغيرا.. لم تثبت الجريمة فخرجنا براءة، ولكن أخذت منا 4 سنوات و4 أشهر، الاعتقال الأول ولّد الاعتقال الثاني، رأينا أناسا متعطشين لتعذيب المعتقلين".

ولفت إلى أن هناك "أشكالًا من التعذيب يصعب الحديث عنها من فظاعتها، ومنها تقطيع أجزاء من الجسد وقد رأينا أناسا حصل لهم ذلك وقمنا بمساعدتهم، وهناك أناس تعرضوا لما هو أسوأ وأناس قتلوا تحت التعذيب".

وأردف أن "في سجون العمليات المشتركة العراقية يتفننون بالتعذيب، بأشياء لا تخطر على البال أبدا".

وتابع: "بالنسبة للقتل كانوا يدخلون إلى قاعات المساجين المعتقلين وكل قاعة تحوي 75-100 معتقل، يختارون من يريدون حسب الشكل وأناس تأتي كمعرفة من نفس المنطقة فيقول للحرس أعطوني هذا فيذهب بلا رجعة".

وأوضح المشهداني: "في نقطة التحقيق هناك غرف خاصة عندما يذهب المساجين لها يعذبون جسديا وفي أماكن حساسة فضلا عن الجَلد الذي من شدته كانت تحصل تقرحات بالجسم والأرجل".

وختم المشهداني بالقول، إن "الوضع النفسي يمكن تجاوزه فالمؤمن مبتلى، ولكن أسفي وحزني على العراق وما آل إليه بوجود هذه الطغمة الفاسدة التي لم تؤد شيئا للعراق والعراقيين، مرتزقة الأمريكان وسارقوا العباد والبلاد".

واعترف رئيس الوزراء العراقي الأسبق، مصطفى الكاظمي حينها بالانتهاكات التي تحصل، بعد مقتل 20 عراقياً غالبيتهم نساء وأطفال بهجوم تم بناءً على وشاية مخبر سري تبين عدم دقته في محافظة بابل جنوب العراق، قال فيها، إن "هناك عراقيين قضوا سنوات في السجون بسبب تهم كيدية، وقد زرت عدداً منها، ورأيت العديد من هذه الحالات".

 وبعد أن تسببت تلك الوشايات باعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص، خاصة في المحافظات التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، أعلن مجلس القضاء الأعلى، إحالة نحو 500 مخبر سري إلى القضاء، بتهمة البلاغ الكاذب.

ويرى ناشطون وحقوقيون ومنظمات محلية ودولية أن هناك آلاف السجناء اعتقلوا في زمن حكومتي نوري المالكي (2014 - 2006)، على خلفيات طائفية من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، وفقا لمعلومات حصلت عليها القوات الأمنية من مخبرين سريين، مما يستدعي إعادة التحقيق معهم ومن ثم إعادة محاكمتهم.

ويتهم أهالي هذه المحافظات، نوري المالكي، بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب في محافظاتهم فقط، بعد اعتقال وتغييب آلاف من أبنائهم، بوشاية المخبر السري أو لخلافات شخصية أو طائفية.

اخترنا لك