صورة الخبر

18:33:55 2024-12-10 : اخر تحديث

17:21:22 2024-06-25 : نشر في

قوات النخبة العراقية.. من محاربة إرهاب "داعش" إلى حماية المطاعم الأمريكية

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

أثار انتشار قوات المكافحة في شوارع بغداد لحماية المطاعم والشركات التي تحمل علامات تجارية أمريكية الجدل بشأن طبيعة مهام تلك القوات والغرض من نشرها حول تلك المواقع بعد أن كانت مهمتها الرئيسة تنحصر في محاربة الإرهاب ومواجهة المخاطر الكبرى التي تهدد البلاد.

ويأتي انتشار قوات مكافحة الإرهاب والتي تعرف بالقوات الخاصة أو قوات النخبة لمنع الهجمات التي شنها متظاهرون داعمون لمقاطعة الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل في حربها على غزة، والذين يرجح انتماؤهم لفصائل مسلحة قريبة من إيران، بحسب ما أفاد مراقبون للشأن العراقي.

وتلخصت مهام قوات مكافحة الإرهاب خلال الأعوام العشرة الماضية بمقارعة تنظيم داعش، حيث كان الجهاز رأس الحربة في مواجهة التنظيم وكان لقواته الفضل الأكبر في استعادة السيطرة على المدن التي خضعت لداعش.

لكن هذه القوة تغيرت مهامها بعد سلسلة هجمات استهدفت الشهر الماضي المطاعم الأمريكية في بغداد، فضلاً عن معاهد أجنبية لتعليم اللغات في العاصمة ومحافظة الديوانية جنوبي البلاد.

 

حماية المطاعم

والشهر الجاري نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا أفاد بأن انتشار قوات مكافحة الإرهاب العراقية في شوارع العاصمة بغداد جاء لحماية المطاعم ذات العلامات التجارية الأميركية، التي سبق أن تعرضت لهجمات من مسلحين لأنها تساعد في تمويل عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

صحيفة "واشنطن بوست" أشارت إلى أن "الاحتجاجات في العراق بسبب الحرب المتواصلة منذ 8 أشهر على غزة، تحولت خلال الأسابيع الأخيرة إلى هجمات على المطاعم الأميركية، مما دفع السلطات العراقية إلى التدخل ونشر وحدات مكافحة الإرهاب المدربة أميركيا في أرجاء العاصمة بغداد".

وبحسب الصحيفة فإن "هذه الوحدات الخاصة ساعدت سابقا في هزيمة داعش في العراق وكُلفت اليوم بحماية المطاعم صاحبة التراخيص الأميركية من هجمات الحشود الغاضبة".

 

مطالبات أمريكية

ويأتي الانتشار الأمني العراقية عقب مطالبات من وزارة الخارجية الأمريكية بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات التي استهدفت المطاعم والشركات الأمريكية.

كما تأتي عقب تصريحات مثيرة أطلقتها المرشحة لمنصب السفيرة الأمريكية الجديدة في بغداد تريسي جاكوبسون التي أدلت بها أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية وأكدت فيها "تعهدها بضرورة الحد من نفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي تشكل خطراً كبيراً على مستقبل العراق، وذلك على خلفية استهدافها للمصالح الأمريكية في العراق".

وتواكَب ذلك أيضاً مع تأكيد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عزمه فرض سيادة القانون وتحرير الاقتصاد وتطويره، وتحقيق التقدم والتنمية ودعم الاستثمار الأجنبي في البلاد.

 

جهاز مكافحة الإرهاب ينفي

غير أن جهاز مكافحة الإرهاب أصدر بيانا حول انتشاره في شوارع بغداد، وأكد أن سبب انتشار دوريات تابعة له هو لمساعدة القوات الأمنية العراقية في حفظ الأمن والاستقرار.

وانتقد الجهاز الصحيفة الأمريكية ووسائل إعلام أخرى ومواقع التواصل التي تحدثت عن أن وجود دوريات من الجهاز يهدف إلى حماية المطاعم الأميركية.

وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان إن "هذا الإجراء يهدف لبعث رسائل طمأنة للشعب العراقي كون الجهاز يحظى بثقة كل أطيافه"، ونفى أن "يكون هذا الانتشار لأغراض خاصة، ومنها حماية المطاعم أو أي أماكن بعينها".

وأضاف النعمان: أن "الجهاز يرتبط مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وهو يتبع وينفذ الأوامر التي تصدر عنه"، مشيرا إلى أن "تلك القوات تنتشر بين الحين والآخر لمساندة القوات الأمنية الأخرى".

 

إخفاق أمني

ويبدو أن تحرك جهاز مكافحة الإرهاب وانتشاره في العاصمة يأتي بعد إخفاق وزارة الداخلية في حماية المطاعم والشركات الأمريكية والغربية، خاصة وأن الداخلية تعهدت بملاحقة مهاجميها والتعامل معهم وفقا لقانون مكافحة الإرهاب.

ومطلع الشهر الجاري أعلنت وزارة الداخلية اعتقال عدد من المتورطين بمهاجمة المطاعم والشركات الأجنبية، وقالت إن "فرقها توصلت لأسماء المنفذين، وتم إصدار مذكرات قبض بحقهم وفقاً لأحكام قانون مكافحة الإرهاب"، مؤكدة "القبض على عدد من المتهمين الذين اعترفوا خلال التحقيق بقيامهم بالاشتراك مع مجموعة من المتهمين الهاربين بأعمال التخريب ومهاجمة الشركات والمطاعم الأميركية".

وعن هوية المنفذين قالت الداخلية إن "قسماً من المهاجمين ينتمي إلى جهاز أمني"، مبينةً أنه "للأسف ينتمي بعضهم إلى أحد الأجهزة الأمنية وأن مشاركتهم بالهجمات جاءت بحجة الإضرار بالمصالح الأميركية"، مشيرةً إلى أنه "تم توقيفهم أصولياً بغية إحالتهم إلى المحاكم المختصة".

 

دوافع سياسية

وفي وقت سابق أكد الخبير الأمني والسياسي نزار حيدر في حديث لشبكة "الساعة" أن الفاعل معروف الهوية وهي الفصائل المسلحة التي ما زالت تنشط خارج سلطة الدولة وتحميها الدولة العميقة المرتبطة بزعامات سياسية وحزبية، وهي جزء من العملية السياسية الحالية كما أنها موجودة في السلطتين التشريعية والتنفيذية".

 

تخبط أمني وسيطرة للسلاح المنفلت

من جانبه يرى الباحث السياسي رياض العبادي أن نشر قوات النخبة في بغداد محاولة من حكومة السوداني لبعث رسالة للداخل والخارج بأن الأمور تحت سيطرتها الأمنية.

وقال العبادي في حديث لشبكة "الساعة": إن "تكليف قوات النخبة العراقية بمهام حماية المطاعم الأمريكية يعكس حجم التخبط الأمني في الداخل العراقي ومدى سيطرة الجماعات الخارجة عن القانون، فضلا عن ضعف القوات التي ينبغي أن توكل لها مهام حفظ الأمني الداخلي وهي قوات وزارة الداخلية".

وأضاف العبادي: أن "أن مهام حماية المطاعم والمنشآت المدنية هي من اختصاص وزارة الداخلية ووجود جهاز مكافحة الإرهاب لهذا الغرض يعكس هشاشة الوضع ومحاولة الحكومة العراقية بعث رسائل إعلامية في الأغلب عن أنها تسيطر على الموقف وقادرة على ضبط الأمن وحماية المصالح الأجنبية داخل البلاد".

وأشار إلى أن "تلك الإجراءات لن تقف عائقا أمام استهداف المصالح التجارية والاقتصادية الأجنبية في العراق، فالفصائل المسلحة لها اليد الطولى داخل البلاد ولها القدرة على استهداف أي موقع وبالتوقيت الذي تشاء"، مشددا على أن "الإجراءات الحكومية لن تفلح كثيرا في تغيير المشهد حيث أن النظرة الدولية السائدة بعد عمليات الاستهداف الأخيرة تشير إلى عدم صلاحية العراق لتواجد وعمل الشركات الأجنبية العالمية".

وجاء في المادة الثانية من قانون جهاز مكافحة الإرهاب المقر عام 2016 "أن الجهاز يهدف إلى مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله والقضاء عليه".

 

لماذا لا تحارب قوات مكافحة الإرهاب الفصائل الخارجة عن القانون؟

واقتصرت عمليات مكافحة الإرهاب على محاربة تنظيم "داعش" دون غيره من الجهات التي تشن عمليات مسلحة وهجمات صاروخية في البلاد وعمليات تغييب وتغيير ديمغرافي واستيلاء على المدن.

ويعزو مراقبون للشأن الأمني ذلك إلى سببين، الأول يتمثل بعدم وجود إرادة سياسية وطنية تقود أجهزة الدولة الأمنية وفي مقدمتها جهاز مكافحة الإرهاب، والثاني يتمثل بعجز أي قوة عسكرية نظامية على مواجهة الفصائل المسلحة والتي تدين أغلبها في ولائها لإيران، حيث توسعت المجاميع عسكريا وأصبح لها النفوذ الأمني والعسكري والاقتصادي والسياسي في البلاد.

اخترنا لك