صورة الخبر

15:12:10 2024-12-11 : اخر تحديث

11:43:30 2024-06-24 : نشر في

تحرك لفرض إقامة الدخول على مواطني كردستان.. سجال سياسي ومخالفات قانونية بين نينوى والإقليم

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

دفعت إجراءات الإقامة الأمنية التي فرضتها سلطات إقليم كردستان العراق على الوافدين إليها من المحافظات العراقية، الأخيرة للتحرك نحو فرض إجراءات مماثلة عبر فرض شرط الإقامة على سكان الإقليم القاصدين دخول المحافظات الأخرى.

ويفرض إقليم كردستان منذ العام 2005 شرط الإقامة الأمنية على العراقيين الداخلين إلى أراضيه وكان يعلل ذلك لدواعٍ أمنية بسبب نشاط الجماعات المسلحة وفي مقدمتها تنظيم القاعدة في المدن العراقية.

واستمرت كردستان في فرض تلك الإقامة لغاية الآن على الرغم من تحسن الأوضاع الأمنية في عموم البلاد ولا سيما في مرحلة ما بعد داعش واستقرار الأوضاع في المدن التي كانت مضطربة أمنيا في السنوات السابقة.

وكانت الإقامة أو ما تعرف ببطاقة التصريح الأمني تمنح للعراقي لمدة يوم واحد فقط، ومن يرغب في البقاء لمدة تزيد عن الشهر فينبغي عليه مراجعة المؤسسات الأمنية "الأسايش" للحصول على إقامة لمدة أطول، ثم تحولت تلك الإقامة لمدة شهر، وحاليا تم تمديد فترة تلك الإقامة إلى 3 أشهر، بعد مطالب تقدم بها نواب عن نينوى في العام 2022.

ويواجه العراقيون الوافدون إلى كردستان معاناة كبيرة عند عمل إجراءات الإقامة، حيث يضطرون للانتظار في ظل الحر اللاهب صيفا والبرد القارس شتاء لساعات طويلة من أجل الحصول على تصريح البطاقة الأمنية الذي يمنح عبر سيطرات منتشرة في مداخل محافظات الإقليم.

وتشدد معاناة المواطنين للحصول على البطاقة الأمنية أو أذن الدخول بسبب الازدحام الخانق في تلك السيطرات ولا سيما في أيام العطل ومواسم السياحة وفترات العيد والمناسبات التي تعطل فيها المؤسسات الحكومية.

 

برلماني يدعو لفرض الإقامة "بالمثل"

بدأت الخطوات الفعلية لتحرك المحافظات العراقية نحو فرض الإقامة على سكان الإقليم في نينوى، عندما دعا النائب عنها عبد الرحيم الشمري، مجلس محافظة نينوى إلى التصويت على قرار يفرض الإقامة على أهالي محافظات إقليم كردستان عند دخولهم إلى نينوى، وذلك من منطلق المعاملة بالمثل.

وفي تصريح لشبكة "الساعة" أكد الشمري أن الدستور العراقي كفل لجميع العراقيين حرية التنقل من وإلى جميع المحافظات دون قيود أو شروط، وذلك يسري على جميع المحافظات بما فيها محافظات الإقليم.

وأضاف الشمري: أن "الإجراءات التي تتمثل بفرض إقامة على أهالي نينوى عند دخولهم للإقليم يعد تجاوزاً على كافة القوانين والأعراف".

ودعا الشمري مجلس نينوى إلى "فرض إقامة على أهالي محافظات إقليم كردستان عند دخولهم محافظة نينوى وعرض هذا الموضوع على التصويت وإلزام الإدارة المحلية في نينوى على تطبيقه من منطلق مبدأ المعاملة بالمثل المعمول به على كافة الأصعدة الدولية والاقليمية والمحلية"، مشيرا إلى أن "ذلك لا يعني الوقوف ضد الإقليم ولكن نصرة لكرامة أبناء نينوى"، حسب تعبيره.

 

مقترح في مجلس نينوى

 وعلى خلفية تلك الدعوة، رفع مجلس محافظة نينوى طلباً إلى رئيس المجلس لعرض فقرة فرض إقامة على الوافدين من محافظات إقليم كردستان على التصويت.

وبحسب وثيقة رسمية، حصلت عليها شبكة "الساعة" فإن "الطلب جاء أسوة بآلية العمل المتبعة في كردستان عند دخول المواطنين إلى محافظات الإقليم"، مشيرة إلى أن "الطلب قدم إلى رئاسة المجلس لعرضه على التصويت ومن ثم اعتماده من قبل السلطات المحلية في نينوى".

 

تباين المواقف السياسية

وتباينت المواقف داخل مجلس نينوى تجاه هذا الطلب، فمصادر في المجلس كشفت لشبكة "الساعة" عن أن الأعضاء التابعين لكتل سياسية منضوية في الإطار التنسيقي أيدت الموضوع، بينما قوبل بالرفض من أعضاء الكتل الكردية والعربية السنية.

وأشارت المصادر إلى أن "الأعضاء الكرد رفضوا المقترح بسبب انتمائهم لأحزاب إقليم كردستان"، لافتة إلى أن "الأعضاء العرب الرافضين للمقترح أغلبهم يسكن في محافظتي أربيل ودهوك، ولهم مصالح تجارية واقتصادية في تلك المحافظات ولذلك رفضوا موضوع فرض الإقامة على المواطنين الأكراد".

 

مواقف مؤيدة لفرض الإقامة

ويرى عضو مجلس محافظة نينوى عن قوى الإطار التنسيقي محمد عارف أن الغرض من الطلب الذي تقدم في المجلس بشأن الإقامة هو إلغاء الإقامة التي تفرضها سلطات الإقليم على الوافدين من المدن العراقية.

وقال عارف في حديث لشبكة "الساعة" إن "أعضاء المجلس الداعين لفرض الإقامة لا يقفون ضد التدقيق الأمني الذي يعتمد عند مداخل جميع المحافظات، ولكنهم ضد العمل بفرض الإقامة على العراقيين داخل البلاد لأنه أمر غير منطقي ويتعارض مع الدستور، ويجب إيقاف العمل به، كون نينوى وباقي المدن العراقية الآن مستقرة وتحررت من جميع أشكال الإرهاب".

وأضاف عارف: أن "نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني اعترضوا على موضوع الإقامة الذي طالب به عدد من نواب من نينوى، وعليهم أيضا أن يعترضوا على فرض عمل الإقامة لسكان نينوى أثناء دخولهم في كردستان، إضافة إلى رفضهم المضايقات والتأخير الذي يتعرض له الأهالي عند الدخول إلى الإقليم".

 

موقف الديمقراطي الكردستاني

بالمقابل يؤكد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني رفضه لدعوات فرض الإقامة على سكان الإقليم الوافدين إلى نينوى وباقي المحافظات العراقية.

وقال الدوبرداني في حديث لشبكة "الساعة": إن "الحديث عن وجود إقامة أثناء دخول المواطنين من نينوى إلى مدن الإقليم غير صحيح، وما موجود هو بطاقة معلومات أمنية يتم عملها داخل السيطرات، وهذه البطاقة تزكي المواطن الداخل إلى الإقليم ويستطيع التنقل لغرض السياحة وقضاء عمله"، مبينا أن "تلك البطاقة هي أفضل من عمليات التدقيق التي تجري في نقاط التفتيش في مداخل جميع المحافظات، فمن يحصل على تلك البطاقة يعفى من التدقيق الأمني عن دخول السيطرات لمدة 3 أشهر، بينما الداخلون إلى العاصمة بغداد مثلا يخضون للتدقيق الأمني والتفتيش في كل مرة يدخلون فيها إلى بغداد وأن كان دخولهم لأكثر من مرة في الأسبوع الواحد".

وأوضح الدوبرداني: أن  "البطاقة تُطبّق على جميع المواطنين من أبناء المحافظات العراقية الذين يدخلون إلى الإقليم، ويتم عملها بسهولة تامة دون تأخير أو مضايقات"، مشيرا إلى أن "الجميع يعلم ما تعرضت له نينوى من سيطرة لتنظيم داعش، وبالتالي المخاوف الأمنية لا تزال موجودة ولا يستطيع أحد إنكارها، وهناك محاذير من دخول عدد من المطلوبين وهذا هدف بطاقة المعلومات"، مشددا على أن "الغرض من إثارة بعض المسؤولين والنواب (في إشارة للنائب عبد الرحيم الشمري) هو تأجيج الصراع السياسي وإثارة المشاكل لأسباب سياسية وانتخابية".

ولفت إلى أن "النائب الذي دعا لفرض الإقامة كان الأحرى به أن يقف مع أهله في نينوى عندما يتعرضون للظلم على يد المكاتب الاقتصادية والفصائل المسلحة والجهات التي تسيطر على الدوائر الحكومية والمشاريع والأموال وغيرها من مفاصل الحياة والتي بسببها يتعرض المواطن في الموصل إلى المضايقة والإذلال".

وجراء الخلافات التي اندلعت بين الحزبين الحاكمين للإقليم، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، أصبحت السلطات في أربيل ودهوك، تحت سيطرة الحزب الديمقراطي، والمناطق التابعة لهما لا تعترف بالبطاقة الأمنية الصادرة من سلطات السليمانية تحت سيطرة الاتحاد الوطني- وفي المقابل السليمانية كذلك لا تعترف بالبطاقة الأمنية الصادرة من أربيل ودهوك، مما يستوجب على المواطن الذي يريد التنقل بين المحافظات الثلاث إصدار بطاقة جديدة كلما دخل إحداها.

 

دعوات شعبية لتخفيف الإجراءات

وانقسمت آراء الشارع حول هذا الموضوع، فبعض المواطنين من نينوى طالبوا بفرض الإقامة على سكان الإقليم كما تفرض على سكان نينوى، لكن بعضهم الآخر رفض معالجة الخطأ بالخطأ.

واقترح مواطنون من الموصل التقتهم شبكة "الساعة" على السلطات في الإقليم تخفيف إجراءات منح البطاقة الأمنية للوافدين، وتمديدها لفترة أطول قد تكون لمدة 6 أشهر أو سنة، كما دعوا لفتح نوافذ إضافية لمنح تلك البطاقة عند دخول الإقليم وذلك لمنع حدوث الازدحامات في تلك السيطرات ولاسيما خلال فترات الأعياد".

كما أكد مواطنون من إقليم كردستان رفضهم للمقترح الذي تقدم به أعضاء في مجلس نينوى لغرض فرض الإقامة على سكان الإقليم، وأشار مواطنون من محافظة دهوك تواصلت معهم شبكة "الساعة" إلى أن هذا الموضوع سيؤثر سلبا على حركة سكان الإقليم الذين بدأوا في العامين الماضيين بالتحرك نحو نينوى والمحافظات المجاورة بعد تحسن الوضع الأمني فيها.

وأوضحوا أن السلطات الأمنية في نينوى لها الحق في تدقيق أسماء الوافدين من كردستان، ولكن فرض الإقامة سيولد عزوفا من الكثيرين نحو الدخول إلى نينوى ومحافظات عراقية أخرى.

 

مخالفة للدستور

بالمقابل يرى المحامي والباحث القانوني ميسر الحمداني أن إجراءات فرض الإقامة من الجانبين سواء من إقليم كردستان أو نينوى مخالفة للقانون والدستور.

وقال الحمداني في حديث لشبكة "الساعة": إن "المادة 44/ اولاً من الدستور العراقي تمنح المواطن حرية التنقل بين المحافظات وبالتالي فإن تقييد تلك الحرية يعد مخالفة لإحدى مواد الدستور".

وأوضح أن "السلطات في المحافظات ومنها نينوى ينبغي أن تجلس مع السلطات في إقليم كردستان لحل الموضوع إداريا دون فرض إجراءات تخالف القوانين، وبالتالي قد تدفع نحو مطالبات غير قانونية أيضا كما حصل في الطلب الأخير الذي تقدم في مجلس نينوى لفرض الإقامة على الوافدين من كردستان".

اخترنا لك