صورة الخبر

2024-06-12 07:00:02

"موائد العراقيين مهددة بغياب الأسماك".. ما أسباب الارتفاع الكبير في أسعارها؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

بعد أن كانت الأسماك الصنف الأكثر حضورا ضمن موائد العراقيين، تراجع وجودها في الأسابيع الأخيرة بسبب الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعارها والذي يأتي نتيجة العديد من الأسباب في ظل غياب الحلول السريعة لمعالجة المشكلة.

وتعد أكلة السمك من الوجبات المفضلة لدى العراقيين وعلى رأس قوائم موائدهم، وتحديدا أكلة "المسكوف" الشهيرة، ولا سيما عند سكان المحافظات الجنوبية.

وحذر مراقبون من تلاشي الثروة السمكية بالعراق في ظل غياب الدعم الحكومي ومحاربة شريحة الصيادين وأصحاب مزارع الأسماك.

وتشهد أسعار الأسماك في المحافظات الجنوبية ارتفاعًا ملحوظًا أرجعه أصحاب المحال وأحواض الأسماك إلى ارتفاع أسعار الأعلاف ونقص الدعم الحكومي عنها فضلًا عن نفوق الأسماك وردم عدد كبير من الأحواض دون توفير بدائل مناسبة لسد حاجة السوق المحلي من الأسماك.

وفي الوقت الحالي تتراوح أسعار الأسماك في الأسواق المحلية ما بين 10 – 12 ألف دينار للكيلوغرام، بعد أن كان متوسط سعرها ما بين 3 – 5 آلاف دينار للكيلوغرام الواحد.

وقال أصحاب محال بيع الأسماك في مدينة النجف: إن "الجهات الأمنية أغلقت أكثر من 60% من بحيرات تربية الأسماك بالمحافظة مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار وتعثر عمل الصيادين".

ويعاني المواطنون العراقيون من غلاء معيشي في مختلف المجالات وبالأخص المواد الغذائية، فبعد أن ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات غير مسبوقة باتت أسعار اللحوم البيضاء هي الأخرى ليست في متناول الجميع وخاصة الأسماك بعد حملة ردم المئات من البحيرات من قبل وزارة الموارد المائية منذ العام الماضي، في محاولة للسيطرة على شح المياه.

وشكا مواطنون في محافظة ذي قار من صعوبة تناول الأسماك بالظرف الحالي في ظل التدهور الاقتصادي وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.

وقال المواطن عمار الركابي لشبكة "الساعة": إن "السنوات الماضية كانت الأسماك تمثل الوجبة الرئيسة بسبب انخفاض أسعارها حيث كان متوسط سعر الكيلو نحو 4 آلاف دينار، ولكن اليوم أصبح سعر الكيلو يقترب من الـ 10 آلاف دينار ما جعل الكثير من السكان عاجزين عن تأمين المبالغ المالية لشراء الأسماك".

وأضاف أن "الطبقة الفقيرة حرمت من شراء الأسماك بعد ارتفاع أسعارها أضعاف ما كانت عليه سابقًا"، مطالبا الجهات الحكومية بـ"إيجاد الحلول الواقعية والمناسبة للحد من هذا الغلاء".

ولم يتوقف ارتفاع أسعار الأسماك على المحافظات الجنوبية الأكثر استهلاكا له، فسجلت مدينة الموصل بحسب مهند العمري أحد باعة السمك ارتفاعا في أسعار لحوم السمك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وأوضح العمري في حديث مع شبكة "الساعة" أن "سعر الكيلو الواحد يتراوح ما بين 9 آلاف وصولا الى 11 ألف دينار".

 

أسباب ارتفاع الأسعار

وكشفت جمعية منتجي الأسماك في العراق عن الأسباب وراء انخفاض إنتاج الثروة السمكية وبالتالي ارتفاع أسعارها في الأسواق العراقية، وأكدت الجمعية أن تقليل نسبة المياه في مزارع الأسماك وردمها من قبل وزارة الموارد المائية، كان السبب وراء انخفاض إنتاج الأسماك، وارتفاع أسعارها بالسوق. 

وقال رئيس جمعية منتجي الأسماك في العراق، أياد الطالبي، في حديث لشبكة "الساعة": إن "الأحداث التي أصابت العراق مؤخراً من شحة مياه بسبب تقليل ضخها من وزارة الموارد المائية بمزارع الأسماك، والتي تستخدم المياه العذبة بنسبة 50% وردم المزارع غير المرخص بها وخاصة التي تستخدم مياه المبازل والنهر الثالث أدى إلى انخفاض الإنتاج".

وأضاف الطالبي: أن "اللجان التابعة لوزارة الموارد المائية بالتعاون مع القوات الأمنية قامت بفتح أحواض الأسماك وإطلاق جميع الأسماك الموجودة فيها والتي تستخدم مياه البزل والنهر الثالث إلى المبازل الرئيسية، وبالتالي أثر على الثروة السمكية وأتلفها بنسبة 100%".

وأوضح أن "وزارة الموارد المائية أزالت كل مزارع الأسماك التي كان لها دور كبير في تغذية السوق العراقية بالأسماك"، مشيرا إلى أن "قرار الوزارة غير مدروس لأن الأراضي المستخدمة في البزل ليس لها حصة مائية إطلاقا، فقط للمبازل وتربية الأسماك ولا تؤثر على الحصة المائية بتاتاً".

وتابع الطالبي أنه "نتيجة لذلك؛ أصبح هناك زيادة في الطلب وقلة في العرض، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار ارتفاعاً غير مسبوق ومن الممكن أن يصل كيلو السمك إلى 15 ألف دينار عراقي (أي 10$ تقريباً)".

وطالب رئيس جمعية منتجي الأسماك في العراق بـ"إيقاف هذا الردم وخاصة في المزارع التي تستخدم النهر الثالث في بابل وبغداد والكوت والأنبار والسماوة والناصرية"، لافتا إلى أن "الجمعية قامت بمظاهرات في محافظة بابل وحصلت على قرار من مجلس المحافظة لإيقاف هذا الردم لكن وزارة الموارد المائية لم تكترث له واستمرت بعمليات ردم الأحواض".

وأشار الطالبي إلى أن "هذا الردم تسبب بخسائر كبيرة، ففي بابل تم إتلاف أكثر من 9 ملايين إصبعية، قبل أسبوعين، وآلاف الأطنان في بقية المحافظات، وذلك كله تتحمله وزارة الموارد المائية"، حسب تعبيره.

وأفاد بأن "هذا الردم تسبب بتسريح آلاف العمال؛ حيث وصل عدد الذين تم تسريحهم في محافظة بابل ما بين 10 – 20 ألف عامل بين صياد، ومربي أسماك، وناقل، ومنتج أعلاف، ومربي صيد".

وخلص الطالبي كلامه بـ"مطالبة وزير الموارد المالية بتشكيل لجان لدراسة هذا الموضوع والنظر بالمزارع التي لا توجد لها حصة مائية اطلاقاً ومثل ما تم ردم هذه الأحواض بالقانون فعليها أن توصل إليها الماء بالقانون، فإما أن يوصل مياه للمزارع أو يسمح لها باستخدام مياه البزل".

وفي وقت سابق قامت وزارة الموارد المائية بقطع المياه عن الأهوار الأمر الذي سبب جفافاً كبيراً ونفوق ملايين الأطنان من الأسماك.

إجراءات وزارة الزراعة

في المقابل، أعلنت وزارة الزراعة العراقية تبني إجراءات عدة للحد من ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية، وفق خطط استراتيجية تتضمن العمل على تكاثر الأسماك ومنع الصيد الجائر من البحيرات والمسطحات المائية.

وقال معاون مدير عام دائرة الثروة الحيوانية لشؤون الأسماك في وزارة الزراعة حاتم الجبوري في تصريح لشبكة "الساعة": إن "العمل متواصل من أجل عودة الأسعار إلى طبيعتها، والحد من الاستغلال الحاصل من خلال إجراءات رقابية وأمنية متواصلة، داعياً الأجهزة الأمنية في بغداد والمحافظات، إلى منع الصيد الجائر، بهدف إيصال أحجام الأسماك الموجودة حالياً، إلى الأوزان المناسبة خلال 5 إلى 6 أشهر".

وأضاف الجبوري: أن "أسعار الأسماك في الأسواق المحلية ارتفعت بعد قرار منع صيدها، في الوقت الحالي، الذي يعد موسماً للتكاثر والحفاظ على المخزون السمكي في الأنهار والمسطحات المائية"، لافتاً إلى أن السبب الثاني لارتفاع الأسعار يعود إلى قرار وزارة الموارد المائية القاضي بردم آلاف البحيرات غير المرخصة والمتجاوزة على الأنهر بسبب شحّ المياه.

وعانى العراق من أزمة مياه حادة منذ سنوات عدة إلا أنها بلغت ذروتها في العامين الماضيين لتصل إلى مستويات خطيرة خلال العام الحالي حيث جفت العديد من الأنهار الفرعية والروافد والأهوار الجنوبية، وانخفضت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات لتصل في بعض المناطق والمحافظات إلى ما دون المتر وبإمكان الإنسان الوصول إلى ضفتي النهر مشيا على الأقدام.

اخترنا لك