صورة الخبر

13:14:55 2024-12-11 : اخر تحديث

07:06:39 2024-06-10 : نشر في

عقد على سقوط الموصل.. من المسؤول؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يترقب أهالي محافظة نينوى في الذكرى العاشرة لاحتلال مدينة الموصل على يد تنظيم "داعش"، محاسبة المتسببين في هذه الكارثة الوحشية.

وتطالب الأصوات الناشطة والمثقفة في المحافظة بإعادة فتح ملف سقوط المدينة والكشف عن المتسببين الرئيسيين، مطالبين بتحميلهم العقوبات الجزائية الصارمة التي تليق بهذا الفعل الشنيع.

وتوجهت الانتقادات إلى لجنة التحقيق المشكلة لملف سقوط الموصل، حيث أثيرت شكوك حول دقة وجرأة نتائج التحقيق السابقة، التي لم تتوج بمحاسبة المسؤولين وتقديمهم للعدالة كما ينبغي.

خصوصًا وأن القضاء أصدر أحكاماً لم تكن متناسبة مع حجم الكارثة، واقتصرت على محاكمة قائد عمليات نينوى مهدي الغراوي وحبسه لمدة سنتين وبمثل الحكم لقائد الشرطة في المحافظة خالد الحمداني فيما لم يتم محاكمة أي ضابط تقاعس عن أداء الواجب كما تقلدوا لاحقاً مناصب جديدة.

 

من المسؤول عن سقوط الموصل؟

قال المحلل السياسي غانم العابد، في حديثه لشبكة "الساعة"، أن اللجنة النيابية التي شكلت بعد سقوط الموصل بيد داعش أكملت مهامها وسلمت نتائج التحقيق حينها بيد رئيس مجلس النواب السابق، سليم الجبوري لكن لم تعلن نتائج التحقيق"، متسائلا عن "سبب إقدام الجبوري عن عدم إعلانها على الرأي العام وبقيت إدراج مكتب رئيس مجلس النواب".

وأضاف أن "اللجنة توصلت إلى جملة من الحقائق كان أبرزها أن الأجهزة الأمنية العراقية خاصة الاستخبارات بشخص السيد أحمد الزركاني كان قد أبلغ بغداد وقيادة عمليات نينوى أن نتائج التحقيق مع أحد المعتقلين أفادت أن حدثاً مهماً سيحدث في نينوى خلال شهر حزيران 2014 وبدورها الأجهزة الأمنية أبلغت أعضاء مجلس محافظة نينوى فيما اكتفوا بالمغادرة من المحافظة قبل وقوع الهجوم بـ 3 أيام فقط".

وبخصوص موقف القضاء من محاسبة المقصرين بين العابد أن "الأحكام صدرت بحق اثنين فقط ولم تكن متناسبة مع حجم الكارثة، وهي محاكمة قائد عمليات نينوى مهدي الغراوي الحبس لمدة سنتين وبمثل الحكم لقائد الشرطة في المحافظة خالد الحمداني فيما لم يتم محاكمة أي ضابط تقاعس عن أداء الواجب كما تقلدوا لاحقاً مناصب جديدة وحتى الصحوات لم تعاقب، بل تم دمجهم بقوات الحشد الشعبي لاحقاً".

وأوضح أن "سبب صمت القضاء كون الفاعل السياسي المتورط في كارثة الموصل وهي بنفس الوقت متنفذة ولها ثقلها السياسي لهذا لم تتم محاكمتهم".

وتابع أن "المسؤول الأول عن سقوط الموصل نوري المالكي خاصة مع وجود حديث حول أوامر شفهية تفيد بالانسحاب وعدم مواجهة داعش وهو ما يفسر وجود رغبة بتسليم الموصل بيد داعش وهي ليست جديدة".

واستذكر العابد، أنه "قبل عام من سقوط الموصل عندما تحدث وزير العدل الأسبق حسن الشمري حين اتهم السلطة التنفيذية الأولى في قضية تهريب السجناء من سجني التاجي وأبو غريب في إشارة واضحة إلى المالكي".

وبين أن "نواب نينوى الموجودين في اللجنة التحقيقية حاولوا التستر على بعض القضايا التي تسببت بسقوط الموصل باعتبار أن أقاربهم من الصحوات هم مقصرون في عدم دفاعهم عن الموصل لهذا لم يتم متابعة الموضوع من قبلهم بقدر دورهم في حماية أبناء عمومتهم".

وأفادت اللجنة النيابية بـ "براءة أهالي نينوى من تهمة سقوط الموصل خاصة بعدما كشفت حقيقة صادمة أن قيادة عمليات نينوى وقبل شهرين أطلقت سراح نحو 5 أشخاص معتقلين مقابل أموال طائلة، ليتبين لاحقاً أنهم من أبرز قيادات داعش والتي كان لها دور مهم بعد سقوط الموصل"، بحسب العابد.

وبين أنه "بالعودة إلى التاريخ فإن أهالي الموصل كانوا يرغبون بمقاتلة داعش لكن الحكومة خذلتهم مرة أخرى".

وأردف العابد "الكثير من الحقائق طمست بفعل المال الخليجي والإعلام الأمريكي".

ولفت إلى أن "كارثة سقوط الموصل تورط فيها الكثير وربما هناك دول تقف خلف ذلك ونحن بحاجة إلى لجنة تحقيق دولية تكشف ملابسات وخفايا ما حدث بصورة أكبر مما وصلت آليه نتائج التحقيق النيابية".

 

محاسبة المقصرين

قال الناشط السياسي، سعد عامر في تصريح خاص لشبكة "الساعة"، إن "جميع من تسبب بسقوط الموصل من قيادات في الجيش مثل الغراوي هم أحرار طلقاء ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي منهم من تقاعد والآخر ما زال يمارس أعماله وبمنصب جديد".

وأضاف أن "السياسيين المسؤولون عن سقوط الموصل مثل رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، ما زال يتمتع بنفوذ قوي في العملية السياسية ولم تتم محاسبته".

وأشار إلى أن "المعلومات الاستخبارية التي كانت تزود للمراجع في قيادة العمليات وللقيادة العامة في بغداد عن وجود نية لتنظيم داعش بالهجوم على الموصل تدل على أن المسؤولين كانوا على علم ودراية بما سيحدث في المدينة".

من جانبه، أكد الناشط المدني والمراقب السياسي، سعد الوزان لشبكة "الساعة"، أنه "لغاية الآن لم تظهر نتائج التحقيق ولم تتم محاسبة المقصرين عن سقوط الموصل، كما أن نواب المحافظة لم ينصفوها بمتابعة ملف اللجنة المختصة بالتحقيق بشأن سقوط الموصل، ويعود ذلك لأن المتسببين بسقوط المدينة هي جهات سياسية متنفذة".

وطالب الوزان بـ "القصاص العادل ممن تسبب بسقوط الموصل وثلث العراق بيد التنظيمات الإرهابية فضلاً عن الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت عمليات التحرير".

 

 

سياسة الإقصاء والتهميش

قال الباحث والمحلل السياسي، غازي فيصل، لشبكة "الساعة"، إن "من أهم الأسباب الخطيرة لنشوء العنف التطرف السني هو العنف والتطرف في المذهب الشيعي بالتحديد دولة ولاية الفقيه في إيران التي أسست لتعميق التمييز المذهبي وتبرير ظهور التيارات المتطرفة".

وأضاف أن "ما حصل بالموصل بالتحديد هو بسبب هذا التمييز المذهبي الذي مورس من قبل تنظيمات وأجهزة الشرطة والأمن تجاه المواطنين في الموصل حيث تعرض المواطنين في الموصل لإذلال ومهانة وهوما خلق فجوة عميقة بين المواطن ومؤسسات الدولة الطائفية التمييزية بفعل ممارساتها التهميشية الإقصائية".

وتابع أن "هذه الممارسات خلقت بيئة خطيرة استغلتها التنظيمات الإرهابية لغرض التوسع والانتشار ومن ثم بتحقيق الهدف بإسقاط الموصل".

واستغرب فيصل "من سقوط 5 فرق عسكرية مسلحة بأحدث الأسلحة فضلاً عن الدعم اللوجستي والاستخباراتي لكن لم يمنع سقوطها بسرعة غريبة خاصة بعد هروب المراتب مقابل 400 عنصر من التنظيمات الإرهابية".

وبين أن "سقوط الموصل بهذه السرعة يعكس هشاشة الفرق العسكرية بسبب انشغالهم بالفساد المالي والمكاسب الشخصية وعدم اهتمامهم بمواجهة التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن ضعف الأجهزة الاستخباراتية والقيادة العامة للقوات المسلحة في التوجيه والتعبئة".

وأوضح أن "قرار الحكومة حينها كان يقضي بسحب القطاعات العسكرية من عدة مناطق مثل الأنبار وتركت المحافظة تواجه مصيرها المحتوم أمام التنظيمات الإرهابية بقدرات ضعيفة خاصة أن هذه المناطق منزوعة السلاح بالتالي فأن سقوط هذه المحافظات هو أمر حتمي بعد تخلي الحكومة عنها وسحب كل صنوف القوات المسلحة وهو ما تكرر في صلاح الدين أيضا".

وتابع أن "جميع ما سبق أتاح لإيران بالظهور كمشرع للدفاع عن أمن العراق لتخوفها من وصول داعش إلى الحدود الإيرانية العراقية وتعتبره يشكل تهديد للأمن القومي الإيراني وبالتالي دخلت إيران طرف في معركة فرضت فيها الأسلحة بأثمان باهضة للعراق وما تلاها من تأسيس للحشد الشعبي وكانت هناك جرائم خطيرة ارتكبت بحق الشباب العراقي سواء خلال احتلال داعش أو تلك التي رافقت عمليات التحرير".

وأردف فيصل: "إلى يومنا هذا لم تحدد الجهات المعنية سواء القضاء العراقي أو القيادة العامة للقوات المسلحة بذاتها عن إجراءات لكشف حقيقة ما حصل وكيف سقطت الموصل بوجود كل هذه الفرق العسكرية المسلحة وما دور القيادة العامة للقوات المسلحة وما دور الاستخبارات فضلاً عن عدم محاسبة القيادات التي فرت من أرض المعركة وتركت الموصل لوحدها تواجه التنظيمات الإرهابية، كل هذه الأسئلة تحتاج إلى جواب من قبل القضاء".

واختتم المحلل السياسي قوله: "يجب تحقيق العدالة في مواجهة الخيانة الكبرى من قبل القيادة العسكرية والمدنية، كما يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولية ما حدث في تلك الفترة".

 

خيانة عظمى

ويرى رئيس المركز الإقليمي للدراسات، علي الصاحب، أن "مرحلة سقوط الموصل تعتبر خيانة عظمى ويتحملها القادة والمسؤولون في بغداد والموصل وبقية المدن الذي استطاع داعش الإرهابي اقتحامها".

ولفت إلى أنه "في السياقات العسكرية العراقية وحتى عالميا من يترك موقعه وسلاحه يجب أن يحاكم بجريمة الخيانة العظمى والفرار من الواجب المقدس الذي اقسم عليه".

وأشار إلى أن "الجريمة (سقوط الموصل) مرت مرور الكرام بلا حسيب ولا رقيب، رغم ذلك الانسحاب أو بالأحرى الفرار قد ترتب عليه أضرار مادية ومعنوية وخلفت نوعا من الصدمة لدى المواطن الموصلي، بل العراقي وانهيار المؤسسة الأمنية من الدفاع والداخلية برمشة عين".

الصاحب يؤكد أن مسؤوليه سقوط الموصل تقع على عاتق القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي) ووزير الدفاع (سعدون الدليمي) والقادة العسكريين المسؤولين عن ملف الموصل.

وحول دور نواب نينوى من ملف سقوط الموصل، قال الصاحب: "هم في واد والمواطن في واد آخر؛ لأن المنظومة السياسية والبرلمانية في العراق تعيش في أسوأ حالات الفساد المالي والإداري وهي عاجزة تماما عن تحقيق تطلعات العراقيين جميعا".

وتعرضت مدينة الموصل شمالي العراق لتدمير يكاد يكون شاملا في بناها التحتية والفوقية، وممتلكات المدنيين والمؤسسات الحكومية، خلال معارك استعادة السيطرة عليها من مسلحي "داعش".

واستعادت القوات العراقية كامل الموصل مركز محافظة نينوى 2017، بعد معارك ضارية ضد "داعش" استمرت أكثر من 8 أشهر، بمشاركة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

وتعرضت البنى التحتية الأساسية، كمحطات الطاقة الكهربائية ومحطات المياه والمؤسسات الصحية والتربوية والأمنية، إضافة إلى ممتلكات المدنيين مثل المنازل والسيارات، لدمار يبلغ 80%.

وقدرت الحكومة العراقية شباط/فبراير 2018، الحاجة الفعلية لإعادة إعمار المناطق التي تعرضت إلى الدمار بسبب المعارك ضد "داعش" بـ 88 مليار و200 ألف دولار على مدى الـ 10 سنوات.

وشكل البرلمان العراقي في دورته (2014- 2018)، لجنة نيابية خاصة بشأن أحداث سيطرة "داعش" على الموصل وترأسها حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس مجلس النواب السابق.

وحملت اللجنة، المالكي و35 مسؤولا آخرين مسؤولية سقوط الموصل، ثاني كبرى مدن العراق، وسلمت نتائجها إلى رئيس مجلس النواب وقتها سليم الجبوري، إلا أنه لم يعلن عن نتائجها.

اخترنا لك