صورة الخبر

00:09:10 2024-12-11 : اخر تحديث

12:56:39 2024-05-29 : نشر في

هل ستفاقم قرارات وزارة العمل بشأن العمالة الأجنبية مشكلة البطالة في العراق؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

فاقمت العمالة الأجنبية في العراق من مشاكل البلاد الاقتصادية في ظل تصاعد حجم البطالة وقلة التعيينات، إذ باتت تلك العمالة سواء الرسمية أم التي دخلت من خلال التهريب منافسا شرسا للعمالة المحلية.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى تجاوز عدد العمال الأجانب في العراق إلى مليون و300 ألف عامل، مسجل أقل من 10% منهم في بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المعنية في تنظيم وضع العمالة الأجنبية في البلاد.

وما زاد المشكلة من الناحية الاقتصادية غياب التنظيم لوضع العمالة المحلية أو الأجنبية، ومحدودية فرص العمل ولا سيما مع هجرة الزراعة وتوقف المصانع وقلة الاستثمارات.

السلطات العراقية تحركت مؤخرا نحو تنظيم وجود العمال الأجانب، وذلك من خلال ترحيل الداخلين للبلاد بصورة غير رسمية، وإصدار قرارات جديدة لتسجيل الآخرين.

 

قرارات وزارة العمل

وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، أصدر الأسبوع الماضي 13 قرارا لتنظيم وضع العمالة الأجنبية والعربية في العراق، بحسب ما أفاد بيان لوزارته.

وقالت الوزارة، إن "هذه القرارات ستخفف من الروتين الزائد، وتساهم في تبسيط الإجراءات الحكومية بما يخص الشركات والعمالة وتصحيح مواقف العمال".

وأضاف الوزير بحسب البيان، أن "هذه القرارات تأتي إيمانا بدور الشركات العاملة، وانسجاماً مع توجيهات حكومة الخدمة الوطنية والبرنامج الحكومي"، لافتا إلى أن "الوزارة رفعت شعارا هذا العام بـ(عام العمل) لتنشيط دور دائرة العمل، والضمان الاجتماعي، ودائرة الصحة والسلامة المهنية".

وتابع البيان، أن "القرارات تضمنت إيقاف التعامل مع الشركات المخالفة للتعليمات لمدة شهر واحد، وفي حال الاستمرار يتم سحب الرخصة منها"، مؤكدا: "تخفيض الرسوم على طلبات التشغيل من مليون دينار إلى 250 ألفاً".

وأوضح أن "القرارات تضمنت زيادة الاستقدام للعمالة من 20 إلى 40 عاملاً في الشهر، وإصدار هويات خاصة للمخولين لمراجعة دوائر الوزارة، وتقديم تقرير شهري لموقف العاملات اللاتي يتم تشغيلهن لدى الآخرين، وزيادة أجهزة الدفع الالكتروني (pos) وزيادة عدد الموظفين".

وطلب الأسدي من "الشركات تقديم تقرير فصلي كل 3 أشهر عن العمالة المستخدمة في هذه الأشهر الثلاث، وأين تم توزيعها سواء على المنازل، أو على الشركات"، لافتا إلى أن "كل شركة تتأخر عن الالتزام بالتعليمات، وتقديم تقارير إلى وزارة العمل تمنح شهرا واحدا لتقديم ما عليها من الالتزامات، وبخلاف ذلك تعطى إنذاراً خطياً لمدة شهر، وفي حال عدم التزامها بعد الإنذار الخطي تسحب منها رخصة استقدام العمالة".

كما تتضمن قرارات الوزارة إصدار هويات معتمدة من وزارة العمل لمخولي الشركات لتسهيل مراجعة المخولين، ووصولهم إلى دوائر الوزارة، وإنجاز أعمالهم بشكل سريع، وتشكيل لجنة مركزية تتعلق بدراسة طلبات تقليص العمالة التي تقدمها الشركات والمعامل والمصانع وذلك بعد صدور تقرير التفتيش من أجل تحقيق الشفافية، وعدم السماح باستغلال ظروف العمال أو الضغط عليهم.

وفيما يتعلق بالمعين المتفرغ فقد تقرر السماح بدخول المعين وفق آليات استخدام المدبرات للمنازل، وتتولى دائرة العمل والتدريب المهني إرسال نسخ من الإجازات، والمعلومات كافة التي تخص الكفيل للعامل الأجنبي.

ونوه الوزير إلى الموافقة على تأسيس اتحاد للشركات، وبدورها ستتابع الوزارة إكمال الإجراءات المتعلقة بتأسيس هذا الاتحاد ليعمل على متابعة كل ما يتعلق بشؤون هذه الشركات، واستقدام العمالة الأجنبية، والتأكيد على ضرورة تطبيق قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 فيما يتعلق بتشغيل عامل عراقي أمام كل عامل أجنبي باستثناء مدبرات المنازل، والمعين المتفرغ.

 

قرارات تعزز البطالة

لكن مراقبين للشأن الاقتصادي أكدوا أن القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة العمل من شأنها منح المزيد من التسهيلات أمام العمالة الأجنبية وهو ما سيعزز البطالة التي يعاني منها العراق أصلا.

وقال أستاذ الاقتصاد محمد مثنى لشبكة "الساعة"، إن "إعلان وزارة العمل عن تسهيل إجراءات تسجيل العمالة الأجنبية وتخفيض رسوم التسجيل من مليون دينار إلى 250 ألف دينار، ومن ثم زيادة عدد الأجانب المسجلين في قوائم العمل يناقض إعلان وزارة العمل والحكومة العراقية سابقا بالعمل على تقليص العمالة الأجنبية والحد من مشكلة البطالة في العراق"، مبينا أن "تلك الإجراءات من شأنها زيادة عدد العاطلين مقابل زيادة عمل الأجانب العاملين بشكل رسمي".

وأوضح مثنى أن "الإجراءات الأخيرة لن تحل مشكلة عدم تنظيم العمالة في العراق، فالأجانب العاملون بصورة غير رسمية سيستمر عملهم، ولكن قرارات وزارة العمل ستفتح الباب أمام المزيد من العمالة التي تأتي مستقبلا بصورة شرعية".

 

فوضى العمالة الأجنبية والبطالة العراقية

من جانبه حمل الباحث الاقتصادي أحمد عيد حكومة بغداد مسؤولية الارتفاع المفرط بأعداد العمال الأجانب في العراق، بسبب عدم تطبيق قوانين العمل النافذة في العراق وحرمان أعداد كبيرة من الشباب العراقيين من الحصول على فرص العمل المناسبة نتيجة لإهمال القطاعات الإنتاجية.

وقال عيد في حديث لشبكة "الساعة"، إن "عدم وجود قواعد بيانات حقيقية للعمال الأجانب يرجع لأسباب عدة من بينها أن غالبية العمال الأجانب يأتون بطرق غير قانونية، أو عن طريق عمليات الاحتيال على القانون من خلال منحهم فيزا سياحية أو زيارة دينية، مما يتيح لهم فرص البقاء داخل الحدود العراقية والعمل بدون أي ضامن قانوني يسمح لهم بممارسة العمل داخل العراق".

وأضاف أن "قانون العمال الأجانب في العراق ضعيف ويحتاج إلى تعديلات كثيرة من بينها فرض الضرائب بما يتناسب مع ما يتقاضونه من مرتبات، وفرض تشغيل نسبة معينة من العمال المحليين مقابل كل عامل أجنبي وهو ما لم يحصل لغاية الآن".

وأوضح أن "هناك شركات متنفذة وجهات سياسية ومكاتب اقتصادية لفصائل متنفذة أسست أعمالها بعمليات الاحتيال على القانون، ومن تلك العمليات جذب عمال أجانب للعمل في منافذهم الاقتصادية وشركاتهم الممولة كالمطاعم والمتاجر بأسعار أقل بكثير مما يمكن أن يتقاضاه العامل المحلي".

وتابع أنه "فضلاً عن ذلك فإن تزايد أعداد العمال الأجانب في العراق يترتب عليه من مشاكل اقتصادية خطيرة تنعكس سلبًا على الواقع الاقتصادي العراقي في مجالات مختلفة في مقدمتها البطالة والفقر، وعلى الدولة العمل الجاد على ملاحقة العمال الموجودين على الأراضي العراقية بشكل غير قانوني، وفرض غرامات على مشغليهم"، لافتا إلى أن "من المشاكل الخطيرة في هذا المجال هي أن أموالاً طائلة من العملة الصعبة تذهب إلى خارج العراق، في ظل تنامي أزمة سعر الصرف في السوق العراقية، مما يزيد من الطلب على الدولار الذي يخرج من العراق عن طريق الحوالات إلى البلدان الأم للعمال الأجانب".

وأكد أن "عدد العمال الأجانب في العراق تجاوز حاجز المليون و 300 ألف عامل، والمسجلين من بينهم وفق إجازات عمل رسمية في العراق بحدود 71 ألف عامل فقط، وهذا مؤشر خطير يواجه الاقتصاد العراقي ويترتب عليه العديد من المشاكل الاجتماعية الخطيرة".

وبحسب تقديرات غير رسمية، تقدر الأموال الخارجة من العراق من التحويلات المالية للعمال الأجانب بأكثر من 8 مليارات دولار سنويا، فضلا عن الرواتب العالية التي يتقاضاها معظم العاملين الأجانب في الشركات النفطية وغيرها من الشركات العاملة في العراق بشكل غير مبرر، حسب تصريحات رسمية.

وبحسب بيانات وزارة التخطيط العراقية فإن "معدل البطالة في البلاد للعام الماضي 2023 تجاوز الـ 16.5%، بينما تشكك تقارير إعلامية بهذه الإحصائيات وتؤكد أنها تتراوح ما بين 30 – 40%".

اخترنا لك