-->

2024-04-28 11:20:29

لماذا تكرر استهداف حقل كورمور الغازي في كردستان؟ ما علاقة إيران وروسيا بالهجوم؟

فريق التحرير- شبكة الساعة

+ حجم الخط -

أثار الهجوم الأخير على حقل كورمور الغازي في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق العديد من الاتهامات لأطراف عراقية موالية لإيران بالوقوف وراء استهداف أي محاولة عراقية لإنتاج الغاز.

وبحسب مراقبين للشأن العراقي فإن أجندة دولية تقف وراء تكرار عمليات الاستهداف لحقل كورمور الغازي، حيث تشير الإحصائيات إلى تعرض الحقل الغازي إلى 8 هجمات كبيرة خلال العامين الأخيرين نفذت بالصواريخ والطائرات المسيرة أعنفها وقع مساء الجمعة الماضي.

وتعرض حقل غاز كورمور الواقع في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية مساء الجمعة 26 نيسان 2024 إلى هجوم بطائرات مسيرة أسفر عن مقتل 4 عمال يمنيين وإصابة اثنين آخرين، إضافة إلى أضرار مادية بمنشآت الحقل.

وعقب ساعات من الهجوم وصل رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى العاصمة بغداد والتقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ولاقى استهداف الحقل الغازي شمالي العراق إدانة دولية واسعة، حيث أدانت الهجوم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والإمارات والأردن، والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي".

 

موقف حكومة الإقليم

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أدان بشدة الهجمات التي استهدفت حقل كورمور، داعياً الحكومة المركزية إلى فتح تحقيق جاد ومحاسبة الجناة والسيطرة على المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون.

وشدد بارزاني في بيان على أن استهداف منشآت الطاقة التي تزود ملايين المواطنين في إقليم كردستان ومحافظات العراق بالكهرباء عمل إجرامي لا مبرر له، ويقوّض جهود أربيل وبغداد الرامية إلى تطوير قطاع الطاقة، خاصة وأن هذه الاعتداءات تتكرر بوتيرة مثيرة للقلق وتصل إلى حد جرائم الحرب.

وقبل ذلك، دعت حكومة إقليم كردستان الحكومة العراقية إلى القبض على مرتكبي الهجوم وتقديمهم للعدالة.

وأكد المتحدث باسم حكومة كردستان، بيشوا هوراماني أن الهجوم على حقل كورمور تسبب بانخفاض إنتاج الكهرباء بمقدار 2500 ميغاوات.

 

موقف بغداد

خلية الإعلام الأمني العراقية أعلنت تشكيل لجنة تحقيقية فنية من قبل قيادة العمليات المشتركة لمعرفة ملابسات الهجوم على حقل غاز كورمور بقضاء جمجمال بالسليمانية.

وأكدت خلية الإعلام الأمني في بيان تلقته شبكة "الساعة" أن "المعتدين سينالون جزاءهم العادل على هذه الاعتداءات التي تحاول الإضرار بالاقتصاد الوطني والتأثير على عجلة التقدم والتنمية التي يشهدها العراق".

وأشارت مصادر في إقليم كردستان إلى وصول وفد الحكومة الاتحادية إلى حقل كورمور للغاز للبدء بإجراء التحقيق في الهجوم.

 

أذرع إيران

عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني اتهم الميليشيات المدعومة إيرانياً بالوقوف وراء الهجوم، فضلا عن استهداف مؤسسات إقليم كردستان وموارده الاقتصادية.

وقال الدوبرداني في تصريح لشبكة "الساعة": إن "استهداف حقل غاز كورمور في الإقليم رسالة مفادها أن الاتفاق العراقي الأميركي بإنهاء شراء واستيراد الغاز الإيراني لن ينجح".

وأضاف: أن "الميلشيات العراقية القريبة من إيران تحاول إيصال رسالة للحكومة العراقية مفادها بأنها لن تلتزم بمذكرة التفاهم التي أبرمتها الحكومة مع الولايات المتحدة لإنهاء عقد شراء الغاز من إيران، والتركيز على استثمار قطاع الغاز المحلي".

ونوه عضو مجلس النواب إلى أن "سيادة العراق سُلِّمت إلى بعض دول الجوار والعديد من الميليشيات"، مشددا على أن "التحقيقات في الهجمات التي تشنها الميليشيات وحتى الهجمات الإيرانية لم تتم إلا بالتصريحات، وليس بإصدار قرارات وإجراءات صارمة من الحكومة العراقية".

واستبعد الدوبرداني أن "تتوصل لجان التحقيق التي تشكلها بغداد إلى أي نتائج بشأن الهجوم على الحقل الغازي"، مبينا أن "تشكيل اللجان يعني عدم القيام بأي شيء كما حصل في اللجان التحقيقية السابقة التي تولت التحقيق في الهجمات التي شنت على مؤسسات ومنشآت داخل الإقليم في أوقات سابقة".

 

ما علاقة روسيا وإيران؟

ترى الباحثة السياسية نوال الموسوي أن الاستهداف الذي طال حقل كورمور في السليمانية يؤكد وجود نوايا ليست محصورة ضمن الصعيدين المحلي والإقليمي فحسب، بل دولية أيضاً، وذلك لعدم إبرام أي اتفاقيات جديدة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية لتصدير واستثمار الغاز العراقي.

وقالت الموسوي إن "الهدف من القصف هو الإخلال بالأمن في إقليم كردستان، ونقل فكرة عدم السماح باستثمار الغاز في حقل كورمور والاستفادة منه لإنتاج الطاقة الكهربائية في العراق".

وأكدت الموسوي أن "استهداف حقل كورمور يهدف إلى منع إبرام اتفاقيات جديدة بين أربيل وبغداد لاستثمار الغاز".

وأوضحت أن "إدانة السفارتين الأمريكية والبريطانية في العراق للهجوم تشير إلى وجود أصابع دولية تقف وراء الاستهداف، وذلك يعزز الاتهام المباشر لروسيا وإيران بشكلٍ أساسي بالوقوف وراء الهجوم"، مبينةً أن "إيران تسعى للسيطرة على السوق العراقية وبالتالي فإنها لا ترغب في وجود اعتماد على الموارد العراقية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي".

 

ما هو حقل كورمور؟

ويعد حقل كورمور للغاز أكبر حقل للغاز الطبيعي في العراق، وتقدّر احتياطاته بـ 8 تريليونات و200 مليار قدم مكعب.

ويقع الحقل الذي تبلغ مساحته 135 كيلو متر مربع، في منطقة قادر كرم بمحافظة السليمانية، وتديره حكومة إقليم كردستان منذ عام 2003، وتشرف على الحقل شركتا دانة غاز والهلال الإماراتيتان، وينتج أكثر من 450 مليون قدم مكعب من الغاز و22 ألف برميل من النفط يومياً.

كما ينتج الحقل 4200 ميغاوات من الكهرباء يومياً، منها 2800 ميغاوات ترسل إلى إقليم كردستان حيث يوفر 67 %من كهرباء إقليم كردستان، بينما يرسل الباقي إلى محافظتي كركوك ونينوى.

ومن المفترض زيادة مستوى الإنتاج في الحقل الى 630 مليون قدم مكعب قياسي عام 2023 ولكن العمل تأخر كثيرا لأسباب عدة أبرزها القصف المتكرر للحقل وإيقاف العمل بتوسعة الإنتاج وترك الشركة الامريكية (إكستران ) العمل بالحقل الذي يمول جزئيا من خلال اتفاقية بقيمة 250 مليون دولار مع التنمية الدولية الأميركية.

 

من يدفع لبقاء العراق رهينة الغاز الإيراني؟

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي والنفطي نبيل المرسومي أن أسباب القصف المتكرر لحقل كورمور تتمثل في تقويض خطط الحكومة العراقية الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتحقيق أمن الطاقة في العراق.

وقال المرسومي في حديث لشبكة "الساعة": إنه "نظراً إلى وجود خطط واعدة لدى إقليم كردستان العراق في مجال نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، فقد بدأت هذه الخطط تحظى باهتمام دولي كبير في الآونة الأخيرة، في ظل تصاعد انعكاسات الأزمة الروسية-الأوكرانية على قطاع الطاقة في أوروبا".

وأضاف: أنه "وبسبب الأزمة الروسية الأوكرانية تسارعت الخطى نحو وضع خطة استراتيجية لإقامة خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي ينطلق بشكل أساسي من حقل كورمور ويمر بأربيل لينتهي عند مدينة دهوك، يتم بعدها ربطه بشبكة أنابيب تركية تسمح بنقله إلى دول الاتحاد الأوروبي".

ويؤكد المرسومي أن "هناك إرادات متنفذة في العراق تعمل على إبقاء قطاع الكهرباء والغاز رهينة الجانب الإيراني"، موضحاً أن "العراق سيبقى يعتمد على الغاز الإيراني خلال السنوات المقبلة، بسبب عدم وجود إرادة حقيقية لوقف الاعتماد على إيران في هذا المجال، إلى جانب البطء في استغلال الغاز المحلي، حيث لا يزال العراق ثالث أكبر دولة في حرق الغاز".

وتابع: أن "جهات متنفذة تستهدف تعطيل إنتاج الغاز العراقي، وهو ما حصل خلال الهجمات الصاروخية التي طالت حقل كورمور في كردستان، وهذه الجهات تسعى لتعطيل اعتماد العراق على الغاز المحلي".

اخترنا لك