2023-12-06 07:50:36
عامر العبدالله ـ شبكة الساعة
بين الحين والآخر يتجدد الصراع بين التيار الصدري وزعميه مقتدى الصدر من جهة وحزب الدعوة وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي من جهة أخرى، حتى وصلت الأمور بين الجانبين إلى نقطة الا عودة بحسب أغلب المتابعين للشأن العراقي.
صراع الصدر والمالكي ليس بالجديد، بل تعود جذوره إلى فترة الولاية الأولى لنوري المالكي وعمليات صولة الفرسان التي نفذها ضد أتباع التيار الصدري "جيش المهدي" آنذاك في العديد من المحافظات العراقية.
وبلغ الصراع أعلى وتيرة عقب الانتخابات البرلمانية عام 2021، ووصلت إلى المواجهة المسلحة بين التيار وقوى الإطار التنسيقي في شهر آب من العام الماضي 2022، عقب اشتداد الخلاف على منصب رئاسة الوزراء بين الجانبين.
وما تزال مشاهد حمل نوري المالكي للسلاح وتجوله في المنطقة الخضراء استعدادا لقتال الصدريين متداولة في مواقع التواصل العراقية، في تأكيد على استمرارية الخلاف بين الجانبين.
كما ارتفع منسوب التوتر بين الطرفين الشيعيين البارزين، على خلفية التسجيلات الصوتية المسربة للمالكي التي نشرها الصحفي العراقي علي فاضل في تموز من العام 2022، والتي هاجم فيها الصدر، الذي عد ما ورد في التسريبات بأنها تتضمن محاولة لاغتياله.
شرارة المشكلة
شرارة الخصومة الأخيرة بين الصدر والمالكي انطلقت على خلفية سجال دار على مواقع التواصل الاجتماعي، سرعان ما تحوّل إلى توتّر بالشارع عندما أقدم أتباع الصدر على مهاجمة مقرّات تابعة لحزب الدعوة بزعامة المالكي، وذلك ردّا على استهزاء أنصار الأخير بزعيم التيار الصدري إثر نشره بلاغا توعّد فيه بمعاقبة "الرواديد" (الذين يرددون الأناشيد الدينية الشيعية) والشعراء الذين يذكرون اسم عائلته في أشعارهم وأهازيجهم.
وقام الصدر بذلك على سبيل "الترفّع والورع"، لكن عضوا في المكتب الإعلامي التابع للمالكي في محافظة البصرة رد على بلاغ الصدر بتعليق ساخر عبر منصة "X" قال فيه إن "تغريدة السماحة مختصّة بمنع ردح ورقص منشدي التيار حصرا ولا تشمل "رواقيص" صلاة الجمعة تنفيذا لوصية السيد الوالد"، في إشارة إلى السيد محمد محمد صادق الصدر والد مقتدى الصدر.
استهداف مقرات الدعوة
تطور الخلاف من مواقع التواصل الاجتماعي إلى هجمات استهدفت مقرات حزب الدعوة بزعامة المالكي، وذلك قبيل الانتخابات المحلية المقررة إجراؤها في الثامن عشر من كانون الأول الجاري.
الاثنين الماضي شن مسلّحون يرجّح انتماؤهم للتيار الصدري هجوما على مقر لحزب الدعوة وسط النجف، وذلك بعد هجمات على مقرات لذات الحزب في محافظتي واسط والبصرة بداية الأسبوع الجاري.
وعلى الرغم من أن استهداف المقرات الحزبية لم تسفر عن خسائر بشرية، لكنها أثارت المخاوف من تطورها ووصولها إلى مرحلة الصراع المسلح كما حصل في مواجهات صولة الفرسان ضد جيش المهدي ومواجهات التيار والإطار عند المنطقة الخضراء العام الماضي.
وردا على الهجمات التي طالت مقرات حزب الدعوة، استنكر الحزب ما حصل من "اعتداءات"، ووصفها بـ "الأفعال الإجرامية".
وجاء في بيان الحزب الذي ورد لشبكة "الساعة": "إن الاعتداءات التي حدثت ضد جملة من مكاتبنا ومرشحينا في بعض المحافظات هي أعمال تندرج في إطار الإخلال بالسلم الأهلي وترهيب الآمنين، وإننا إذ نعبّر عن رفضنا واستنكارنا لهذه الأفعال الإجرامية، فإننا نرفض أيضا تحملينا مسؤولية آراء لأشخاص اللذين لا يمتّون إلينا بصلة قريبة أو بعيدة تنظيميا أو سياسيا، واستخدام تعليقات غير مسؤولة ومرفوضة ومستهجنة لأفراد مجهولين من قبلنا ذريعةً لمهاجمة مكاتبنا في بعض المحافظات والمناطق، والتي باتت تتكرر بنحو يثير الدهشة والاستغراب والاستهجان".
وأضاف: "نؤكد مرة أخرى موقفنا الثابت وهو عدم الانجرار إلى معارك بين أبناء الساحة الواحدة وأبناء المذهب الواحد، وحرصاً على حرمة دماء العراقيين جميعا".
ودعا الأجهزة القضائية إلى أن "تقوم بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية المكاتب والمواطنين، وتضع حداً لهذه الحالات التي قد تؤدي إلى فتنة عمياء واضطراب وفوضى"، بحسب بيان الحزب.
وأكد: "البراءة من أي شخص أو كلام أو موقف يُسيء لأي طرف سياسي شريك، كما أكد على أن المراجع الدينية يمثلون القيادات الشرعية للحزب وأن المساس بهم هو مساس بثوابت الحزب وتجاوز للخطوط الحمراء في مسيرته".
الانتخابات المحلية
ويؤكد باحثون في الشأن العراقي أن خلافات الصدر والمالكي طالما ارتبطت بالنفوذ ومحاولة السيطرة على الدولة بعد أن أدرك الطرفان أنه لا مجال للشراكة السياسية بين الرجلين في إدارة الدولة.
كما يرتبط الخلاف الجديد بانتخابات مجالس المحافظات، حيث يصر المالكي على إجرائها في موعدها المحدد سعيا لتمكين حزبه وائتلافه البرلماني من السيطرة على عدد من الحكومات المحلية بما تمتلكه من صلاحيات، بينما يقاطعها الصدر من أجل سحب الشرعية منها وإضعافها داخليا وخارجيا.
وفي وقت سابق شدد المالكي على أن المراهنات على تأجيل موعد الانتخابات والتحشيد على عدم الإقبال على صناديق الاقتراع هي مراهنات فاشلة.
وعد من يتحدث عن إلغاء أو تأجيل الانتخابات يجهل أنّها استحقاق دستوري وجماهيري، وتعطيل الانتخابات وحل المجالس يعد تعطيلا لأحد أركان الديمقراطية، في إشارة ورسالة إلى خصمه الصدر.
بينما الصدر يعمل جاهدا على إفشال الانتخابات التي يعلم أنّها ستصب في مصلحة خصومه السياسيين، حيث دعا في وقت سابق أنصاره إلى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات لتقليص هيمنة الفاسدين والتبعيين وعدم منحهم الشرعية الدولية والداخلية.
صراع النفوذ والسلطة
الباحث والمحلل السياسي العراقي شاهو القره داغي أكد أن التصعيد الأخير بين التيار الصدري ودولة القانون هو نتيجة لتعقيدات العملية السياسية العراقية، والصراع على السلطة والنفوذ بين القوى الشيعية، والمصالح والتحالفات المتغيرة بينهما.
وقال القره داغي في حديث لشبكة "الساعة": إن "هذا الخلاف يمكن أن يكون على علاقة بانتخابات المجالس المحلية، حيث يحاول ائتلاف دولة القانون تعزيز موقعه وتأمين أكبر عدد ممكن من المقاعد والمناصب في المحافظات، وخاصة في بغداد التي تعتبر المركز السياسي والاقتصادي والثقافي للعراق، بينما يدفع التيار الصدري للمقاطعة بكل قوة في محاولة لانتزاع الشرعية من الانتخابات واضعاف الأحزاب المشاركة".
وأضاف: أن "هذا الصراع قد يمهد لصراع أكبر في المرحلة المقبلة، إذا لم يتم إيجاد حلول سياسية وحوارية ترضي جميع الأطراف، وتحفظ استقرار وأمن العراق. وقد يتكرر سيناريو صيف 2022، عندما اندلعت اشتباكات بين الإطار والتيار في بعض المناطق، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين"، محذرا من أن "بعض الأطراف قد تستغل هذا الصراع لزعزعة الأمن والاستفادة من الفراغ السياسي".
وشدد القره داغي على أن "هذا الصراع ليس مصدره الانفعال والتخبط فقط، بل هو مرتبط بالتحديات والمطالبات التي تواجه العراق في هذه المرحلة الحرجة، والتي تتطلب تعاون وتنسيق جميع القوى السياسية والاجتماعية والدينية ومن بين هذه التحديات، مواجهة الإرهاب والفساد والبطالة والفقر والتهميش والتمييز والتدخلات الخارجية"، لافتا إلى أن "مسؤولية الجميع الحالية هي العمل من أجل مصلحة العراق والعراقيين، والابتعاد عن المناكفات والمصالح الضيقة".
ويحاول كلا الطرفين "المالكي والصدر" الاستفادة من الخلافات السياسية بينهما في استقطاب الأضواء واستنفار الأنصار، وذلك بعد فشلهما في قيادة العراق عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فالمالكي يتطلع اليوم للعودة بقوة إلى زعامة المشهد السياسي والتفرد به كما في السابق بعد أن أخفق في قيادة العراق خلال ولايتين حكوميتين بدأت عام 2006 بالطائفية واستشراء الفساد وانتهت عام 2014 بسقوط ثلث الأراضي العراقية بيد تنظيم داعش، بينما يسعى الصدر لسحب أي شرعية شعبية يحاول أن يكسبها المالكي بعد إقصائه عن المشهد وإبعاده عن حكم العراق عقب الانتخابات النيابية الماضية.
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم