صورة الخبر

2023-12-05 06:30:26

الحكومة العراقية تخفق في احتواء التصعيد.. هل تتجه طهران وواشنطن لتوسيع قواعد الاشتباك؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

يبدو أن الصراع بين الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران والقوات الأمريكية أخذ مرحلة جديدة من التصعيد بعد القصف المتبادل بين الجانبين خلال اليومين الماضيين.

وخلال الساعات الـ 24 الماضية، شنت الفصائل المسلحة التي تطلق على نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق" 4 هجمات استهدفت قواعد عسكرية أمريكية في العراق وسوريا.

استهدف الهجوم الأول قاعدة للقوات الأمريكية قرب مطار أربيل في إقليم كردستان العراق، والثاني استهدف قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار غربي البلاد، ونفذا باستخدام طائرات مسيرة مفخخة.

كما استهدف الهجومان الآخران قاعدة عسكرية أمريكية في مطار خراب الجير بمحافظة الحسكة ونفذ بواسطة 6 صواريخ انطلقت من ناحية ربيعة شمال غرب محافظة نينوى، والثاني استهدف القرية الخضراء بالعمق السوري، ونفذ بواسطة طائرة مسيرة.

وبحسب البيان الصادر عن الفصائل المسلحة فإن تلك الهجمات جاءت ردا على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

 

رد أمريكي

وردا على تلك الهجمات، شنت القوات الأمريكية هجوما بطائرة مسيرة استهدفت مقرات الفصائل المسلحة في محافظة كركوك والتي انطلق منها الهجوم على محيط مطار أربيل أمس الأحد.

وهذه الضربة النوعية الثانية التي توجهها واشنطن للمجاميع المسلحة في العراق، عقب ضربة سابقة نفذت في الـ 22 من تشرين الثاني / نوفمبر واستهدفت كتائب حزب الله العراقي في ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل، وخلف الهجوم 8 قتلى على الأقل من عناصر الكتائب.

وقال مسؤول عسكري أميركي، إن الولايات المتحدة نفذت ضربة في محافظة كركوك قالت إنها "للدفاع عن النفس" في العراق ضد تهديد وشيك في موقع إطلاق طائرات مسيرة.

 

الفصائل تتوعد

وعقب الضربة أعلنت حركة النجباء مقتل 5 من عناصرها جراء القصف الأمريكي الذي استهدف مقرا عسكريا في قضاء الدبس بمحافظة كركوك.

وتوعد الأمين العام لحركة النجباء القوات الأمريكية بالانتقام منها ثأراً للقتلى الذين سقطوا مساء أمس بقصف جوي.

وقال الكعبي في بيان: إن "مقتل مقاتلين من النجباء لن يزيد الحركة إلا إصراراً وثباتاً ويوقد جذوة الثأر في قلوب المقاتلين".

وأضاف مخاطبا الجانب الأمريكي: "قسماً بالأيتام وبدموع الأمهات الثكالى وقلوب ذويهم المستعرة ودماء الشهداء الزاكيات ستدفعون ثمن جريمتكم باهظاً"، حسب تعبيره، كما توعد الكعبي بطرد القوات الأمريكية من العراق قريبا.

ومنذ التصعيد الذي اعلنته الفصائل الحليفة لإيران ضد القوات الأمريكية في 17 تشرين الأول / أكتوبر ولغاية الرابع من كانون الأول / ديسمبر، تعرضت القوات الأميركية وقوات التحالف لـ76 هجوما على الأقل بالمسيرات والصواريخ والصواريخ الباليستية قصيرة المدى، بحسب تأكيد وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، التي أوضحت أن الضربات توزعت بين 36 هجوما في العراق و40 هجوما في سوريا.

وأعلنت جماعات مسلحة عراقية مسؤوليتها عن الهجمات على قوات أميركية منذ 17 أكتوبر الماضي، على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل في قصفها على غزة.

 

صمت حكومي

عقب الضربة الأمريكية الأخيرة أكد الجانب الأمريكي قصف المسلحين قرب محافظة كركوك من أجل الدفاع عن النفس ومنع هجوم بطائرة مسيرة كان يعد له المسلحون.

وبحسب بيان لقيادة الجيش الامريكي المركزية فإن "الهجوم استهدف المسلحين الخمسة الذين حاولوا ضرب إحدى القواعد بطائرة مسيرة"، مؤكدا أن "الجانب الأمريكي أخطر الجانب العسكري العراقي بالضربة"، مشددا على "استمرار القوات الأمريكية في الدفاع عن قواعدها والرد على أي هجوم تتعرض له مقراتها في العراق".

وتؤشر الضربات العسكرية الأميركية اعتماد واشنطن استراتيجية ضربة بضربة في تعاملها القادم مع الفصائل المسلحة في العراق.

ومنذ بداية الحرب في قطاع غزة، أرسلت الإدارة الأمريكية العديد من الرسائل للحكومة العراقية بضرورة حماية القواعد العسكرية التي تستضيف القوات الأمريكية بطلب من الجانب العراقي بحسب ما تقول السلطات العراقية.

كما حذرت الإدارة الأمريكية وتوعدت بتوجيه ضربات قاسية ضد المجاميع المسلحة التي تقدم على استهداف قواعدها في العراق والمنطقة.

اللافت بين الهجومين الأمريكيين الذين استهدفا الفصائل المسلحة في جرف الصخر وكركوك، أن الهجوم الأول أدانته الحكومة العراقية وأكدت أنه تجاوز خطير على السيادة يجب أن لا يتكرر، لكنها تجاهلت الهجوم الثاني ولم يصدر عنها أي تصريح ولا حتى بيان إدانة أو استنكار، وهو ما يفسر المأزق الذي وضعت فيه حكومة محمد شياع السوداني جراء التصعيد المتبادل الجانب الأمريكية من جهة والفصائل المنخرطة في الدولة ضمن الحشد الشعبي والتي لا تخضع لسلطان السوداني من جهة أخرى.

 

واشنطن وطهران لا ترغبان بالمواجهة الشاملة

 الخبير العسكري والباحث في مركز راسام للدراسات حاتم الفلاحي أكد أن الدلالة الواضحة في الضربة الأمريكية الأخيرة هو فشل الحكومة العراقية بحماية القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة على الأرض العراقية، وعدم قدرتها على وقف الهجمات التي تشنها الفصائل التي تتبع إيران.

وقال الفلاحي في تصريح لشبكة "الساعة" إن: التصعيد بين الفصائل والقوات الأمريكية ليس وليد اليوم، فله امتداد طويل ولكنه في الآونة الأخيرة كان في حالة شبيهة بالهدنة وانتهت حالة الهدوء تلك مع بدء الصراع في قطاع غزة بين الاحتلال الصهيوني وحركة حماس".

وأضاف: أن "ما يجري حاليا من التصعيد يأتي في إطار الفعل وردة الفعل بين الفصائل والجيش الأمريكي وضمن سياق المعركة في قطاع غزة والدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن أنها تأتي ضمن التوجه العام ضمن المحور الإيراني"، مبينا أن "الرد الأمريكي على الهجمات الصاروخية للفصائل كان متوقع وأمر واقع بعد أن أعطى الحكومة العراقية فرصة لتأمين الحماية للقوات الأمريكية في العراق البالغ عددهم نحو 2500 عسكري.

وتابع الفلاحي: أن "فشل الحكومة العراقية في حماية مقرات التحالف الدولي والقوات الأمريكية دفع الجانب الأمريكي لأخذ زمام المبادرة للرد على الفصائل المسلحة".

وبشأن تصاعدة وتيرة الاستهداف المتبادل بين القوات الأمريكية والفصائل المسلحة، قال الفلاحي: إن ذلك "يعتمد على التصعيد الذي يصدر من قبل الطرفين"، مبينا أن "الفصائل المسلحة باتت منقسمة على نفسها بشأن هذا الملف، فالبعض يذهب للتصعيد، بينما يذهب البعض إلى الحل السياسي ومحاولة الضغط لإخراج القوات الأمريكية من العراق سياسيا".

ولم يستبعد الفلاحي أن "تشهد المرحلة المقبلة استهدافا لقيادات في الفصائل المسلحة بالضربات الأمريكية، لكنه رجح عدم دخول الجانبين في مواجهة شاملة في الساحة العراقية، لأن الولايات المتحدة لا ترغب بذلك، كما أن إيران لا تريد احتراق الساحة العراقية التي تعتمد عليها في ملف التمويل والدولار وغيرها"، مبينا أن "الرد الأمريكي على الهجمات الصاروخية غرضه الردع وتأسيس قواعد اشتباك لا يتم الخروج عليها من جانب الفصائل".

 

عدم الاعتراف بالحكومة

رئيس مركز الفكر السياسي إحسان الشمري أكد أن التصعيد الأخير من جانب الفصائل المسلحة أكد حقيقة عدم اعترافها بموقف الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني.

وقال الشمري في تصريح لشبكة "الساعة": إن "التصعيد في الساعات الأخيرة يأتي في إطار استئناف الجيش الإسرائيلي هجومه على قطاع غزة، وفي سياق الالتزام الذي أبدته الفصائل باتجاه الاستمرار باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، كما يأتي في إطار عدم استماع الفصائل وعدم اعترافها بموقف الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة"، مبينا أن "تلك الهجمات تعكس حقيقة أن الفصائل ما تزال مستمرة في اعتبار العراق جزءا من أرض الاشتباك مع القوات الأمريكية".

ورجح الشمري أن "ترد الفصائل المسلحة العراقية على القصف الأمريكي في جرف الصخر وكركوك باستهداف أكبر خلال المرحلة المقبلة"، لافتا إلى أن "الأهداف التي ستكون في مرمى الفصائل في الغالب هي مطار حرير في أربيل وقاعدة عين الأسد في الأنبار".

وشدد الشمري على أن "الضربات الأمريكية الاستباقية هي الأخرى لن تتوقف، في حال استمر التصعيد من جانب الفصائل المسلحة، وبالتالي فإن ذلك كله سيحول العراق إلى ساحة مفتوحة للمواجهة مع غياب قدرة الحكومة العراقية على ضبط الملف الأمني ووقف هذا التصعيد".

اخترنا لك