-->
2023-11-30 17:10:50
آمنة ملا جياد-شبكة الساعة
كتب موشيه دان، مؤرخ وكاتب وصحفي إسرائيلي في 2020 على موقع بيجين سادات الإسرائيلي، أن مشكلة "حل الدولتين" -إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة غرب نهر الأردن- هي أن الدولة الفلسطينية موجودة بالفعل شرق نهر الأردن. يطلق عليها الأردن. وأغلبية سكانها من الفلسطينيين، وتقع في الجزء الشرقي مما كان يسمى فلسطين سابقاً، ومن الناحية الديموغرافية والجغرافية، الأردن دولة فلسطينية.
وتابع "يمكن للعرب الذين يعيشون في إسرائيل والمناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية والذين يعتبرون أنفسهم فلسطينيين ويسعون إلى تقرير المصير الوطني، الانضمام إلى دولة فلسطينية أردنية والانتقال إلى هناك إذا رغبوا في ذلك، ويمكن لأولئك الذين يفضلون البقاء في إسرائيل أن يفعلوا ذلك بالحقوق المدنية الكاملة ، وليس الوطنية، كما هو الحال الآن".
هذا الخطاب لم يكن الأول من نوعه وليس الأخير أيضا، فأفكار الحركة الصهيونية تجاه الأردن متشابهة وإن اختلفت الخطط والآراء، وأفكار جيورا إيلاند التي كُتبت في 2010 هي الأكثر شيوعاً والتى رسمت خطة واضحة لإدخال الأردن بعملية تذويب القضية الفلسطينية بل قد تمتد لأطماع صهيونية أخرى، فتحقيق الاحتلال لهدفه بالحصول على أرض فلسطين كلها وطرد سكانها يفتح الباب أمام مساعى التمدد نحو أرض الأردن.
تتلخص خطة "إيلاند" في إنشاء مملكة أردنية تضم ثلاث دول: الضفة الشرقية، والضفة الغربية، وغزة، وستكون هذه ولايات بالمعنى الأمريكي، مثل بنسلفانيا أو نيوجيرسي. ويكون لديهم استقلال في القضايا الداخلية بالإضافة إلى الميزانية والمؤسسات الحكومية والقوانين وقوات الشرطة، ولكن دون التدخل في السياسة الخارجية والقوات العسكرية وتبقى من مسؤولية الحكومة "الفيدرالية" في عّمان.
ووفق رؤيته فإن التنفيذ سيكون على مرحلتين نظرًا لوجود حركة حماس، المرحلة الأولى في الضفة الغربية، وثانيا في غزة، عندما تصبح الظروف مناسبة، وذلك مع إجراء إسرائيل لمفاوضات سياسية حول هذا الحل مع وفد أردني فلسطيني مشترك، كما كان من المفترض أن يحدث في إطار مؤتمر مدريد عام 1991.
حدد "إيلاند" بخطته أربع مزايا بالنسبة للفلسطينيين المعارضين لحماس في الضفة الغربية:
أولاً: إن الفلسطينيين الراغبين بنهاية الاحتلال الإسرائيلي، سيفضلون هذا الحل على انتظار السلام الإسرائيلي الفلسطيني الذي ليس من المرجح أن يتحقق.
ثانيا: تدرك هذه الفئة أنه إذا تم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تماماً، فمن المرجح أن تحكمها حماس والعديد منهم يفضلون العيش تحت الحكم الأردني بدلاً من حكم حماس وفق رؤية "إيلاند".
ثالثًا: يتطلب الحل الإسرائيلي الفلسطيني تنازلات مستحيلة من جانب الفلسطينيين، مثل التنازل عن حق العودة وإيجاد اتفاق لإنهاء الصراع، ومن الأسهل تقاسم هذا العبء العاطفي مع ممثل سياسي عربي (الأردن).
رابعا: حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة يعني أنهم سينتمون لدولة صغيرة جدًا وتخضع لقيود أمنية مثل التنازل عن السيادة على مجالها الجوي، بينما يمكنهم أن ينضموا لدولة كبيرة مثل الأردن.
قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية، قد تسقط في أيدي حركة حماس، كما حدث في غزة. إي إن وجود دولة مجاورة للأردن يحكمها الإخوان المسلمون مع الأخذ بالاعتبار الحدود الطويلة بين الدولتين، ينذر بالخطر على العائلة الحاكمة في الأردن، كما أن ضم الضفة الغربية للأردن الطريقة الوحيدة لضمان بقاء الأنظمة في الشرق الأوسط؛ إذ إن أنظمة الشرق الأوسط قائمة على السيطرة الأمنية. ولذلك، فإن الطريق لضمان استقرار الأردن، سيكون من خلال السيطرة العسكرية الأردنية على هذه المنطقة.
تحمل خطة "إيلاند" منافع حددها بأربع نقاط مقارنة بحل الدولتين.
أولاً: قال إيلاند إن "هناك اختلافا في القصة، الآن، لم يعد الأمر يتعلق بالشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال، وإن الضغوط الدولية على إسرائيل لحملها على التنازل في كل قضية سوف تتغير".
ثانياً: الأردن قادرة على التوصل إلى حل وسط بشأن عدة قضايا، مثل الأراضي؛ إذا لا يمكن للفلسطينيين التنازل عن أراضي حدود "1967"، و"إسرائيل الصغيرة" تحتاج إلى المزيد من الأراضي، ولكن هذا من شأنه أن يجعل الدولة الفلسطينية أصغر بينما لن يكون الأمر بهذه الصعوبة عند الانضمام الأردن ذات المساحة الكبيرة.
وأضاف: تنطبق هذه النقطة على الترتيبات الأمنية ففي أي تسوية ستطالب إسرائيل بضفة غربية منزوعة السلاح، في حالة الدولة الفلسطينية، بينما في سياق الاتفاق الإسرائيلي الأردني، يبدو الطلب أكثر منطقية، كل ما هو مطلوب من الأردن أن يتخلى عن نشر قواته في منطقة معينة (الضفة الغربية).
ثالثاً: -هذه هي الميزة الكبرى–ففي حالة حل الدولتين، يتعين على إسرائيل أن تتخلى عن الأصول الملموسة مقابل وعد فلسطيني بالحفاظ على الهدوء الأمني ولدى إسرائيل أسباب وجيهة للخوف من خطر مزدوج؛ إذ تتنازل عن كامل الأراضي ولا تحصل على الأمن، بينما الأمر مختلف في حالة اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي.
رابعًا: لدى إسرائيل خوف من أن يؤدي قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى خلق حكومة ضعيفة تشكل عبئاً إضافيا على إسرائيل، في ظل الافتقار إلى البنية التحتية، ونقص فرص العمل، والانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وليس من الواضح إذا كانت المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط كافية لإقامة دولتين قابلتين للحياة.
يرى "إيلاند" أن قيام الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين سوف يترك الكثير من المشاكل في أيدي المجتمع الدولي. الدولة الجديدة ستواجه صعوبة في تحقيق الاستقلال الاقتصادي، فضلا عن مشكلة اللاجئين.
إضافة إلى ذلك فإن المشاكل بين إسرائيل وفلسطين لن تختفي بمجرد التوقيع على الاتفاق، وسوف يضطر المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، إلى بذل المزيد من الجهد لأجل تنفيذ الاتفاق بنجاح. والأمر مختلف إذا قسمت مسؤولية حل المشكلة على دولتين قائمتين ومستقرتين (إسرائيل والأردن). فبمجرد التوصل إلى الاتفاق، يصبح تنفيذه تحديا لإسرائيل والأردن، في حين المطلوب من المجتمع الدولي أقل بكثير، على غرار ما حدث بعد توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية في عام 1979.
يعتقد اليهود دينيًا أن أرض الأردن تقع ضمن حدود "أرض الميعاد" أي أنها أرض تابعة لهم وفق معتقداتهم، وسياسيًا يفكر ساستهم وكتابهم أن الأردن هي أرض فلسطينية وسكانها فلسطينيون لذا يجب أن يهجر إليها فلسطيني الضفة وذلك بالتزامن مع تهجير سكان غزة إلى سيناء فربما تكون سببًا لاحتلالها لاحقًا لذا سيبدأ الأمر بضم الضفة الغربية عقب استقطاع إسرائيل جزءًا كبيرا من أراضي الضفة الغربية.
يحاول "إيلاند" أن يغلف خطته بمنافع عدة أو هكذا يُرغم بصياغتها إلا أنها "مزايا" بعيدة عن الواقع وساذجة جدًا ولم تنفع سوى فئة معينة من الفلسطينيين وهم معارضي "حماس" وهم قلة قليلة بينما تغاضت عن الملايين من سكان غزة والضفة إضافة إلى اللاجئين، كما غطى "إيلاند" تهديده للأردن بكلمة "المنافع"، فتطرق لتهديد الإخوان المسلمين وحركة حماس على عرش العائلة الحاكمة ولم يكتفِ بالأردن بل هدد كل الدول العربية في الشرق الأوسط وذلك بتهديد تشكله حركة حماس (نظام الإخوان المسلمين الأقوى في المنطقة) على استقرار أنظمتهم الحاكمة.
بينما حمل منافع كبيرة لدولته المحتلة، من توسع الأراضي إلى تذويب القضية الفلسطينية ونزع سلاح المقاومة ثم تشتيت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى صراع أردني فلسطيني وربما عربي فلسطيني تدعمه الأنظمة المتخوفة من تقوية عضد الإخوان المسلمين في بلدانهم مثل مصر التي ستتولى محاربتهم في سيناء عقب دمج غزة بها والأردن التي ستحمل السلاح ضدهم في الضفة الغربية وبذلك تتخلص إسرائيل من الصراع مع الفلسطينيين بل وتأمل في استغلال الصراع للتوسع شرقًا عبر الأردن وجنوبًا عبر سيناء.
في كل الاحتمالات ولمعرفة صعوبة تغيير بوصلة الفلسطينيين إلى قضية أخرى فإن استمرار المقاومة في غزة التي دمجت بسيناء والضفة التي دمجت بالأردن هي حجة توسع أخرى تدعمها أمريكا وأنظمة الغرب تحت عبارة "الدفاع عن النفس" بسيناريو مشابه لدعم الأنظمة الغربية لإسرائيل في معركة طوفان الأقصى.
هذه الخطة تبدو ضعيفة ولا تدرس الواقع إلا أنها بكل الاحتمالات تحقق رغبة إسرائيل، فهي تعلم أن وضع هذا النهج مع ضغط أمريكا وتواطؤ السعودية والإمارات من شأنه أن يجعل الأردن ومصر تقبلان بكل الاحتمالات عوضًا عن تهجير سكان غزة إلى سيناء وضم الضفة للأردن وتحمل تبعات ومشاكل لا تتطيقها أنظمتهم الآيلة للسقوط أمام أي تحدٍ خاصة إذا كان تحديًا مثل القضية الفلسطينية ذات الطابع الديني والقومي، مما يغير نظرة ساسة هذين البلدين إلى أن المشكلة الأساسية هي سكان غزة والضفة بذواتهم والتخلص من هذا العبء الحل الأنسب، وهو ما رأيناه في "طوفان الأقصى" من غلق معبر رفح وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية لشعب يتضور جوعًا فضلا عن غض بصر النظامين عن الإبادة الجماعية في غزة.
خطة "إيلاند" التي تحولت إلى "صفقة القرن" استهدفت الأنظمة الحاكمة لهاتين الدولتين (مصر والأردن) فضعف أنظمتهم وعدم استعدادهم للتخلي عن السلطة وضعهم بموقف الأعمى أمام المجازر بل تشجيعها سرًا وفق قيادي بحركة حماس.
أنظر أيضا
المصادر
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم