2023-11-15 08:38:48

صناعة الأوهام.. لماذا أقحمت الفصائل الولائية تظاهرات تشرين بملف المختطفة الإسرائيلية؟

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

+ حجم الخط -

منذ انطلاق التظاهرات العراقية في تشرين عام 2019، وجهت جملة من التهم إليها في محاولة لإبعادها عن حاضنتها الشعبية وربطها بالأجندة الخارجية، ولاسيما الأمريكية.

وجهت أغلب التهم التي حاولت النيل من تشرين من الأحزاب والفصائل الشيعية الماسكة للسلطة والتي كانت الهدف الأساس للتظاهرات، حيث حاولت تلك الجهات ربط المتظاهرين بالولايات المتحدة، وظهر ذلك من خلال وصف المتظاهرين بمصلحات غريبة أبرزها "الجوكرية" و "أبناء السفارات" في إشارة إلى علاقتهم بالسفارة الأمريكية، وغيرها من التهم وهي تهم نفاها المتظاهرين جملة وتفصيلا.

وبعد سنوات على إخماد ثورة تشرين وعودة الأحزاب والكتل المنتفض عليها في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق إلى مسك السلطة في البلاد، ومع اشتداد الصراع الدائر في قطاع غزة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية على خلفية عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، أعادت الفصائل المسلحة في العراق والتي تطلق على نفسها "فصائل المقاومة" طرح العلاقة بين تظاهرات تشرين و "إسرائيل"، من خلال بثها المقطع المصور للباحثة "الإسرائيلية" – الروسية إليزابيث تسوركوف المختطفة في العراق منذ 7 أشهر.

 

اعترافات المختطفة

المختطفة الإسرائيلية في العراق إليزابيث تسوركوف قالت في تسجيل مصور بثته وسائل إعلام ومنصات مقربة من الفصائل: إن "حرب إسرائيل على قطاع غزة جاءت نتيجة إدارة حمقاء من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبتشجيع من زوجته وابنه".

المختطفة إليزابيث التي تحدثت باللغة العبرية قالت إنها "عملت لصالح الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية لإقامة علاقة بين إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية".

وأضافت: أنها "عملت بالعراق على تقوية الخلافات الشيعية – الشيعية من خلال تنسيق التظاهرات، ومنها تظاهرات تشرين أول (أكتوبر عام 2019) من أجل حدوث معركة بين الأطراف الشيعية داخل العراق".

وبخصوص الحرب الإسرائيلية على غزة، قالت تسوركوف إنها تتابع يوميا الأحداث في غزة، من قتل للنساء والأطفال والرجال، وقصف المستشفيات.

وأوضحت أن "هذه السياسة تؤدي إلى الكراهية بيننا وبين الشعب الفلسطيني في غزة، ولا تؤدي إلى السلام مع غزة".

وخاطبت المختطفة الإسرائيلية من العراق عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة بالقول "إذا أردتم عودة بناتكم وأبنائكم أحياء، فالحرب يجب أن تتوقف".

وكشفت تسوركوف عن وجودها في الأسر منذ نحو 7 أشهر، واستدركت بالقول: "لا يوجد أي تحرك من إسرائيل لإطلاق سراحي"، وطالبت أسرتها وأصدقاءها بالتحرك لإطلاق سراحها بأسرع وقت.

واختُطفت تسوركوف في مارس الماضي بالعاصمة العراقية بغداد، وجاء الكشف عن اختطافها بشكل رسمي بعد اتهام رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في يوليو الماضي، كتائب حزب الله باختطافها، في حين لم تعلن أية مجموعة مسؤوليتها.

وبعد يومين من إعلان الاختطاف، أعلنت السلطات العراقية رسميا، فتح تحقيق بشأن اختطاف باحثة إسرائيلية دخلت البلاد بجواز سفر روسي، مطلع مارس الماضي، وأكد متحدث الحكومة العراقية أنّ الحكومة تنتظر نتائج التحقيق، التي تعلن لغاية اليوم.

 

"أكذوبة المقاومة"

الرد الناري على المعلومات التي كشفت عنها المختطفة الإسرائيلية في العراق جاءت باتجاه الفصائل المسلحة وليست تجاه المختطفة، حيث شن عضو مجلس النواب سجاد سالم هجوما على الفصائل ووصفها بأنها كذبة كشفتها الأحداث الجارية في غزة.

ويأتي هجوم البرلماني المستقل سجاد سالم على الفصائل المسلحة على اعتبار أنها من لقنت المختطفة الإسرائيلية ما قالته في التسجيل المصور، والذي حمل اتهاما لثورة تشرين بالعلاقة مع "إسرائيل".

وقال النائب سجاد سالم في تصريح لموقع "شفق نيوز" إن ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق هي كذبة"، معتبراً أن "أحداث غزة كشفت وأكدت أنه لا توجد مقاومة إسلامية في العراق، ولا يوجد شيء اسمه مقاومة في العراق".

وأضاف قائلا: أن "هذه الميليشيات تعيش حالة من الإهانة والجبن والتخاذل، فلا يوجد لها أي رد حقيقي وبرنامج واقعي بخصوص القضية الفلسطينية".

وأضاف أن "الميليشيات وفي محاولة منها للهروب من واقعها المخزي، عادت من جديد إلى تشويه سمعة ثورة تشرين من خلال نشر مقطع فيديو للإسرائيلية المختطفة في العراق، ومحاولة ربط تشرين في المؤامرة الخارجية"، مؤكدا أن "هذه المليشيات منذ سنوات تعمل على صرف الأموال الطائلة واستخدام السلاح من أجل تشويه سمعة تشرين"، مبينا أن "ما نشر يعبر عن واقعهم المخزي وجبنهم تجاه ما يجري في فلسطين"، حسب قوله.

 

مسلسل استهداف تشرين

الناشط في تظاهرات تشرين علي الدهامات وصف التهم الواردة في تسجيل المختطفة الإسرائيلية بأنها حلقة ضمن مسلسل الاستهداف المتكرر ضد تظاهرات تشرين.

وقال الدهامات في حديث لشبكة "الساعة": إن "ما جاء في التسجيل المصور للمختطفة الإسرائيلية يأتي ضمن محاولات الاستهداف التي لجأت لها العديد من الجهات التي استهدفت تشرين منذ انطلاقها"، مبينا أن "التهم حاولت لصق متظاهري تشرين بالعمالة للسفارات الأجنبية وغيرها من التهم الباطلة، والحقيقة أن متظاهري تشرين براء من تلك التهم".

وتابع أن "اعترافات المختطفة بخصوص تظاهرات تشرين يمكن أن يعرف حقيقتها أي مطلع على الشأن العراقي، حيث أن اعترافها لم تكن أمام جهة رسمية حكومية، بالتالي لا توجد أي مصداقية أو قيمة له"، وأوضح أن "كلامها عن أنها تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية في وقت واحد يكشف ضعف مصداقة الاعترافات التي أدلت بها"، مشددا على أن "المختطفة أجبرت على ذكر تظاهرات تشرين من قبل خاطفيها".

 

صناعة الأوهام

الناشط السياسي العراقي عبد القادر النايل يرى من جانبه أن ما أدلت به المختطفة الإسرائيلية لدى الفصائل المسلحة مسرحية ساذجة بإخراج باهت، ووصفه بأنه محاولة كاذبة لصناعة الأوهام وخلق العدو من أجل توحيد القوى السياسية الحاكمة في البلاد.

وقال النايل في تصريح لموقع "الساعة": إن "اعترافات المختطفة مسرحية ساذجة ولا يمكن أن تتطابق مع الحقائق على الأرض، فضلا عن أنها تحمل إساءة كبيرة للعراقيين الذين يرفضون التعامل مع الأجنبي والتطبيع مع الكيان الصهيوني".

وأكد أن "التظاهرات في تشرين كانت عراقية بامتياز عبرت عن هموم المواطن العراقي وأن العراقيين لا يمكن أن ينزلقوا بمنزلق العمالة للكيان الصهيوني".

وشدد النايل على أن "ما روج هو محاولة من الفصائل الولائية لصناعة الأوهام وخلق العدو الوهمي، بهدف توحيد القوى الحاكمة المختلفة لمواجهة وإسكات كل صوت عراقي يرفضهم ويرفض عمليتهم السياسية".

وأشار الناشط السياسي العراقي إلى أن "الجهات المسلحة تحاول من خلال تلقين المختطفة هذه التهم تبرير الاغتيالات والقتل والاستهدافات التي نفذتها الميليشيات ضد ناشطي تظاهرات تشرين العراقية".

ولفت النايل إلى أن "كذب وافتراء ما جاء من تهم لتظاهرات تشرين يظهر واضحا من خلال ما تعرض له المتظاهرين وناشطيهم"، متسائلا بالقول: "لو كان المتظاهرون عملاء لجهات خارجية فلماذا لم يهربوا خارج العراق ولماذا لم تتم حمايتهم ولماذا ليس لدى المتظاهرين الأموال التي تؤمن حياتهم؟

ولفت إلى أن "الحشود والفصائل التي تدعي العمل تحت مظلة الدولة تخترق القانون وتتجاوز على سلطة الدولة، من خلال إبقاء المختطفة لديهم دون تسليمها للقضاء العراقي أو الجهات الأمنية العراقية والتي يفترض أن تكون جهات المخابرات، على اعتبار أن قضية المختطفة الإسرائيلية هي قضية أمن دولة".

اخترنا لك