2023-11-13 04:40:09
عامر العبدلله ـ شبكة الساعة
لا يعرف بالضبط عددهم الرسمي، لكن الأرقام التقريبية تشير إلى وجود ما بين (1000) إلى (2000) شخص من أهالي كركوك غُيبوا لدى السلطات الأمنية في كردستان العراق، وذلك خلال فترة هيمنتها على محافظة كركوك منذ العام 2003، ولغاية العام 2017.
فما زال ملف المغيبين في كركوك من الملفات المعقدة التي لم تجد الحلول السياسية إليها سبيلا، وهو ما جعل مئات الأسر وأغلبهم من المكون العربي ينتظرون بلاغات عن أبنائهم الذين يعدون حاليا في عداد المفقودين.
ورغم نفي السلطات في إقليم كردستان العراق وجود مغيبين من أبناء كركوك لديها، إلا أن ملف المغيبين من المحافظة لم يعد خافيا على أحد، فالسلطات المحلية والمركزية والمنظمات الدولية باتت على دراية بما جرى من اختطاف خارج أطر القانون لمواطنين من كركوك في السنوات التي سبقت عملية فرض القانون في تشرين أول 2017.
الحكومات المركزية في السابق، أعلنت التحرك لمتابعة ملف المغيبين من أبناء كركوك لكن ما تم الإعلان عنه سابقا لم يتجاوز التصريحات الإعلامية واللجان الشكلية التي لم تجد أي منفذ للكشف عن مصير أي من المختطفين والمغيبين من أبناء المحافظة.
وخلال فرض الأحزاب الكردية السلطة على كركوك جرى اعتقال وتغييب أعداد كبيرة من أبناء كركوك من العرب والتركمان بذريعة أنهم مطلوبون للقضاء على خلفية تهم إرهابية، كما احتجزت القوات الأمنية الكردية المئات من الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في كركوك باتجاه الإقليم ومازال مصير الكثير منهم مجهولا لغاية اليوم.
الآمال لدى عائلات المغيبين عادت من جديد عقب الإعلان عن تشكيل لجنة حكومية عالية المستوى باشرت أعمالها مؤخرا من أجل التوصل إلى مصير الأشخاص المغيبين، إذ أعلنت اللجنة التي وصلت إلى كركوك البدء بجمع المعلومات بهذا الملف وتسجيل أسماء المغيبين رسميا من أجل تقديمها لسلطات كردستان وانتظار الإجابة عن مصير هؤلاء المغيبين.
بدء أعمال اللجنة
مستشار رئيس الوزراء ورئيس اللجنة الحكومية المشكلة بخصوص كركوك سعيد الجياشي أعلن بدء اللجنة المركزية العليا الخاصة بمتابعة ملف المغيبين أعمالها بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأكد الجياشي في مؤتمر صحفي عقد في كركوك أمس السبت وتابعته شبكة "الساعة" أن "مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي واستجابة لتوجيهات رئيس الوزراء لمتابعة عمل اللجنة الخاصة بكركوك زار محافظتي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان والتقى بالجهات الأمنية والسياسية هناك والذين أكدوا حرصهم على التعاون مع اللجنة والاستعداد للإجابة عن مصير أي شخص تقدم بياناته الرسمية إلى الإقليم".
وقال الجياشي إن "اللجنة الخاصة بكركوك عقدت اجتماعا لها في بغداد وتسلمت قوائم بأسماء المعتقلين المغيبين مقدمة من إدارة محافظة كركوك، ولكن اللجنة ارتأت وضع آلية جديدة لجمع المعلومات الدقيقة عبر تشكيل لجنة فرعية في كركوك تضم كل الأجهزة الأمنية وبرئاسة محافظ كركوك وعضوية مفوضية حقوق الإنسان لتعمل على مدار الشهرين المقبلين واعتبارا من 15 تشرين الثاني الجاري لاستقبال ذوي المفقودين والمعتقلين وتسجيل أسمائهم رسميا في استمارات إلكترونية مصادق عليها من قبل أعضاء اللجنة المتمثلة بالأجهزة الأمنية العاملة في كركوك".
وأضاف: أنه "بعد انتهاء فترة الشهرين المعدة لاستلام الطلبات من ذوي المغيبين سيتم جمع العدد الحقيقي وسيتم العمل بموجب تلك القوائم والتحرك نحو إقليم كردستان لكشف مصيرهم"، مبينا أن "واجب الدولة العراقية الكشف عن مصير هؤلاء ولا سيما أن الدولة تعهدت ضمن برنامجها الحكومية بالكشف عن مصير المغيبين".
وشدد الجياشي على أن اللجنة الحكومية الحالية لجنة تختلف عن سابقاتها لأن تملك العزم والإدارة الحقيقية ووضعت بداية لعملها ونهاية وإطار زمني له للإجابة عن مصير المغيبين.
كردستان تغيب الآلاف
وفي المؤتمر الصحفي، وصف محافظ كركوك ملف المغيبين في المحافظة بأنه من أعقد الملفات في العراق، مبينا أن الحكومات المركزية السابقة أخفقت في التوصل لحل لهذه المشكلة رغم الوعود التي تطلق بحلها.
وقال الجبوري: إن "ملف المغيبين والمختطفين في كركوك هو جريمة كبرى ارتكبت في زمن الاستفراد بالسلطة في كركوك، حيث تم تغييب واختطاف أعداد كبيرة من المواطنين سواء المدنيين الأبرياء أو المطلوبين بتهم مختلفة ومنها تهم الإرهاب بدون مذكرات قبض قضائية وتم نقلهم خلافا للقانون إلى إقليم كردستان".
وأضاف الجبوري: أن "بعض المختطفين مضى على اختطافه في سجون كردستان نحو 20 سنة"، مبينا أن "المغيبين من أبناء كركوك يقبعون في سجون إقليم كردستان في أربيل والسليمانية".
وحذر الجبوري من تداعيات عدم تعاون السلطات في كردستان في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن "اختطاف الأشخاص ونقلهم من كركوك إلى الإقليم وإن كانوا مطلوبين للقضاء فيجب أن يخضعوا للسلطة المكانية القضائية وأن يحاكموا في محاكم كركوك وليس في إقليم كردستان".
وشدد المحافظ على "ضرورة وقف الجريمة التي ارتكبت في اختطاف أبناء كركوك، كما شدد على ضرورة محاسبة الجهات التي وقفت وراء عمليات التغييب والخطف خلافا للقانون والدستور".
ولفت الجبوري إلى أن "اللجنة الفرعية لمتابعة موضوع المغيبين شرعت بأعمالها وستبدأ باستقبال عائلات المغيبين اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل الموافق 15 تشرين الأول لملئ استمارة أعدتها اللجنة المركزية في بغداد لتسجيل المغيبين وحصر أعدادهم والبدء بالكشف عن مصيرهم".
ضغوطات سياسية
من جهته أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أرشد الصالحي في تصريح لموقع "الساعة" رفضه لأن تكون اللجنة المشكلة حاليا كاللجان السابقة التي لم تتوصل إلى أي نتائج.
وقال الصالحي وهو نائب تركماني عن كركوك: إن "ملف المغيبين في كركوك من الملفات الشائكة التي كان ينبغي التحرك الحكومي نحوها منذ سنوات".
وأضاف: أنه "بعد العام 2017 تم تسليم استمارات خاصة بالمغيبين إلى لجنة حقوق الإنسان البرلمانية ومحكمة استئناف كركوك عبر ذوي الضحايا وعبر الشخصيات المجتمعية في كركوك، والأحزاب السياسية"، مبينا أن "تلك الاستمارات قدمت للحكومة المركزية حينها لكن دون جدوى".
وأعرب الصالحي عن "تفائله بعمل اللجنة الحكومية الحالية وجديتها في التوصل للحقائق بخصوص المغيبين والمختطفين وضحايا الاغتيال السياسي في كركوك خلال الفترة التي سبقت عمليات فرض القانون".
ودعا رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية اللجنة الحكومية الخاصة بكركوك إلى "عدم الرضوخ لضغوطات الكتل السياسية بشأن ملف المغيبين، كما دعاها لإرسال رسالة إيجابية للعراقيين والمجتمع الدولي في هذا الخصوص".
كما وجه الصالحي دعوة إلى "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي تبنى في برنامجه الحكومي الكشف عن مصير المغيبين إلى متابعة عمل لجنة كركوك والإشراف على النتائج التي تظهر عن عملها".
ارتياح وآمال عربية
وبدت الأطراف العربية في كركوك أكثر ارتياحا وتفاعلا مع عمل اللجنة الحكومية الحالية، وهو ما عبر عنه النائب السابق عن المحافظة خالد المفرجي الذي أكد تلمس جدية وتحرك حقيقي لكشف الحقائق الخاصة بمغيبي كركوك.
وقال المفرجي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "ملف المغيبين في كركوك ليس وليد اللحظة وإنما بدأ منذ العام 2003، وزاد تعقيدا بمرور السنوات، ثم زاد تعقيدا كلما مرت السنوات دون أن يعالج".
وأضاف: أن "قضية المغيبين في كركوك طرحت في آب الماضي على رئيس الوزراء، وبعد يومين فقط تم تشكيل لجنة حكومية عليا لمتابعة الموضوع وفعلا بدأت تمارس عملها عبر الاتصالات بالأطراف ذات العلاقة في كركوك".
ولفت البرلماني إلى أن "اللجنة الحالية أثببت جدية وإدارة حقيقية لكشف مصير المغيبين من أبناء المحافظة عكس اللجان السابقة التي لم تتحرك بذات الجدية، ونوه المفرجي إلى ضرورة إبعاد هذا الملف عن الصراع والتنافس السياسي لأنه ملف إنساني لا يقبل الاستغلال والمزايدة".
ويترقب الشارع الكركوكي نتائج اللجنة الحكومية، على أمل أن تتوصل هذه المرة إلى نتائج توصل العائلات بأبنائها المغيبين منذ سنوات وسط تجاهل ونفي مستمرين من سلطات إقليم كردستان بخصوص هذا الملف.
: كلمات مفتاحية
2023-12-04 23:31:35
محمد الحلبوسي بعد إقالته يفضح السياسيين
2023-12-01 17:29:10
سيطرات والحواجز الأمنية في العراق لقتل الناس أم لبسط الأمان؟
2023-12-01 17:22:51
الخطاب الطائفي يتصدر المشهد الانتخابي العراقي
2023-12-01 17:15:00
"مفتي الديار العراقية" يستحوذ على جامع ببغداد للوقف للسني!