2023-11-11 10:02:29
سيف العبيدي ـ شبكة الساعة
لا قيمة للوعود التي تطلقها الحكومة بشأن السيطرة على أسعار صرف الدولار في العراق، في ظل الاستمرار المستمر للدولار مقابل الدينار العراقي والذي بدأ العام الماضي بعد تسلم حكومة السوداني إدارة البلاد في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
فالسوداني تعهد بإعادة سعر صرف الدولار إلى السعر المحدد من قبل البنك المركزي وهو 1300 دينار لكل دولار، ودعا العراقيين إلى اقتناء الدينار لأنه أقوى من الدولار، لكن وعوده تلك لم ترَ طريقها إلى التنفيذ لغاية اليوم.
ويرجع السبب الرئيس لارتفاع أسعار الدولار في العراق إلى الإجراءات الأمريكية التي تفرضها على العراق خلال منح الدولار، وهي سياسة اتبعتها واشنطن للسيطرة على تهريب العملة الأجنبية إلى إيران.
خلال العام 2022، كانت أسعار صرف الدولار تقترب من الـ 1500 دينار للدولار الواحد، لكن أسعار الصرف قفزت في كانون الثاني من العام 2023 لتصل إلى 1700 دينار للدولار الواحد، على خلفية فرض الخزانة الأمريكية عقوبات على مصارف عراقية خاصة بسبب تهريب الدولار إلى إيران والحرس الثوري.
وفُرضت العقوبات الأمريكية على 15 مصرفا عراقيا خاصا تتبع في أغلبها لمؤسسات تابعة لأحزاب سياسية تدعمها شخصيات معروفة، وتقوم بتهريب أكثر من 100 مليون دولار أسبوعيا إلى 4 دول مجاورة، أبرزها إيران إلى جانب سوريا والأردن وتركيا.
وبالرغم من الارتفاع المستمر لصرف الدولار الذي وصل في السوق الموازي لـ 168 ألف دينار الأسبوع الماضي، ما تزال إجراءات الحكومة العراقية وسلطة البنك المركزي عاجزة عن إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة الخطيرة، والتي أحد أسبابها أيضا المضاربون بالسوق الموازي للعملة وقلة السيولة النقدية من الدولار.
ويتزامن مع ذلك تفاقم الركود وهيمنته على الحركة التجارية في العراق بسبب تعثر البنك المركزي في السيطرة على قيمة الدينار أمام الدولار.
ديوان الرقابة المالية صلاح نوري أكد مرور العراق بمرحلة أشبه بالركود الاقتصادي بسبب تذبذب أسعار العملة، عازيا ذلك إلى اعتماد الوضع الاقتصادي في العراق بشكل أساس على واردات تصدير النفط الخام مقابل استيراد السلع والبضائع.
تهريب الدولار إلى إيران
اللجنة المالية في البرلمان العراقي توقعت عدم امكانية معالجة مشكلة صرف الدولار في الفترة القليلة المقبلة، وعزت ذلك إلى الاستمرار في تهريب العملة وهيمنة الجهات الحزبية المتنفذة على نافذة بيع العملة في البلاد.
وقال عضو اللجنة جمال كوجر في تصريح لشبكة "الساعة": إن "جملة أمور تدفع نحو استمرار الارتفاع في سعر صرف الدولار في العراق وفي مقدمتها إجراءات البنك الفيدرالي الأمريكي مع العراق وعدم تزويده بالدولار على تهريب العملة إلى الخارج، وعدم وجود إرادة حقيقية في تطبيق نظام "سويفت" وإفشاله والذي عن طريقه يتم الامتثال للمعايير المالية الدولية في التحويلات".
وأضاف كوجر: أن "من الأسباب الأخرى لأزمة الدولار وتراجع قيمة الدينار أمامه هي تعقيدات البنك المركزي التي تفرض من أجل السيطرة على تهريب العملة، والأهم من ذلك وجود مافيات مسيطرة على البنوك والتي تأخذ أكثر كميات الدولار"، إضافة إلى "الأوضاع الحالية التي تمر بها المنطقة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث لجأ الكثير من المواطنين إلى طلب الدولار وشرائه بدافع الادخار على خلفية الحرب الدائرة في غزة تحسباً لأي انعكاسات سياسية واقتصادية على العراق".
وتوقع النائب جمال كوجر: "استمرار تهريب الدولار من العراق إلى الجانب الإيراني ما دام هناك ولاء من بعض الجهات في العراق إلى إيران".
وأشار كوجر إلى أنه "من المتوقع أن يستمر الارتفاع في أسعار الدولار على هذا النحو"، مبينا أن "الحديث عن انهيار تام للدينار العراقي أمام الدولار في المرحلة المقبلة حديث مبالغ فيه ولا أساس لصحته إلا في حالة واحدة وهي تصعيد الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية ودخولها الحرب الدائرة في غزة، فعند ذلك ستؤدي العقوبات الأمريكية إلى انهيار الدينار".
وكشف عضو اللجنة المالية عن "ضغوطات وتدخلات تمارسها جهات سياسية في أعمال البنك المركزي العراقي وبيع الدولار، لافتا إلى أن التدخل في أنشطة بيع الدولار حولت بعض الأحزاب إلى دكاكين لممارسة أنشطة بيع وتهريب العملة".
واقترح البرلماني على "البنك المركزي إجراءات لتسهيل وتبسيط المشاركة في مزاد بيع العملة بدون واسطة وبدون تعقيدات كحل يمكن أن يساهم في التخفيف من ارتفاع أسعار الصرف".
وأوضح كوجر أن "حل أزمة الدولار يتطلب تسهيل عمل بعض الحوالات للتجار الصغار الذين يعملون عن تمويل استيرادهم عبر الحوالات السوداء التي تستمر بشكل يومي، رغم كل الإجراءات الحكومية".
وبين كوجر أن "الحكومة والبنك المركزي هما الجهتين المخولتين بإيجاد حل لهذه الحوالات عبر الحوار والتفاوض مع الجانب الأمريكي".
وفيما يخص إجراءات إقالة محافظ البنك المركزي على خلفية الأزمة الحالية، نفى كوجر وجود أي تحرك لإقالة محافظ المركزي، مؤكدا أنه "لا يتحمل المسؤولية الكبيرة عن الأزمة"، مبينا أن "تغيير المسؤول لا يعني حل المشكلة لأنها ليست مرتبطة بشخصية المحافظ وإنما مرتبطة في الأساس بإجراءات أمريكية مفروضة على العراق".
الصراع الأمريكي - الإيراني
من جهته يرى الباحث والخبير الاقتصادي عمر الحلبوسي أن "ارتفاع سعر الصرف يعود لثلاثة أسباب: الأول سياسي ويتمثل في الصراع الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ومحورها، والثاني يتمثل بتوجه الولايات المتحدة لمنع تداول الدولار بشكل كاش وتحويله للتداول الإلكتروني لتسهيل تتبعه ومنعه من التهريب، والسبب الثالث يتمثل باستمرار عمليات احتكار الدولار من قبل المصارف والمضاربة به".
وأوضح أن "هذه الاسباب أدت إلى حدوث ارتفاع في سعر الصرف، يضاف لذلك استمرار التجارة مع الدول المعاقبة من قبل الإدارة الأمريكية والتي يتم التحويل لها بطرق سوداء".
وبشأن إمكانية حدوث ارتفاع جديد في أسعار الصرف قال الحلبوسي: إن "هذا يعتمد على المتغيرات الداخلية والخارجية، خصوصا أن الولايات المتحدة ستلجأ إلى خنق العراق في مجال الدولار إذا استمر استهداف قواعدها العسكرية في العراق من قبل محور إيران مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف".
وأضاف: أن "خطوات البنك المركزي كلها سلبية وستنعكس بشكل سلبي على سعر الصرف خصوصا أن قراراته عززت من احتكار القلة للدولار والذين يضاربون به في السوق السوداء ويتحكمون بسعر الصرف".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "البنك المركزي العراقي يتحمل المسؤولية كاملة كونه هو السلطة النقدية المسؤول عن المحافظة على قيمة الدينار العراقي ومحاسبة المصارف الذين يضاربون في الدولار", مؤكدا أن "البنك المركزي تخلى عن دوره الرقابي والسلطوي وتحول إلى أداة تتحكم بها المصارف الخاصة التي تستصدر قرارات من داخل البنك المركزي لصالحها خصوصا المصارف المملوكة لأجانب والتي لديها نفوذ عبر اللوبي المتحكم في البنك المركزي". وشدد على أن "البنك المركزي بحاجة إلى اصلاح ومنحه استقلالية في القرارات ووقف تدخلات والمصارف الخاصة في أعماله"، فضلا عن "وقف التدخلات خارجية التي تتلاعب في البنك المركزي".
وختم الحلبوسي حديثه بالقول: إن " تغيير شخص محافظ البنك المركزي لن يحل المشكلة، بل يجب تغيير اللوبي الذي يتحكم ويؤثر ويضغط على البنك المركزي ويتحكم في أنشطته".
ومع العزم الأمريكي في منع وصول الدولار إلى إيران وتشديد الرقابة على الجانب العراقي في هذا المجال، لن يكون للعراق خيارا سوى السيطرة على أنشطة البنك المركزي وضمان عدم تدفق العملة إلى الجانب الإيراني لتجنب المزيد من العقوبات والتشديدات الأمريكية والتي يمكن أن تدفع أسعار الصرف إلى مزيد من الارتفاع قد يصل إلى 200 ألف دينار لكل 100 دولار خلال الفترة المقبلة، بحسب ما يؤكد النائب السابق عن اللجنة المالية البرلمانية العراقية أحمد الصفار.
: كلمات مفتاحية
2023-12-04 23:31:35
محمد الحلبوسي بعد إقالته يفضح السياسيين
2023-12-01 17:29:10
سيطرات والحواجز الأمنية في العراق لقتل الناس أم لبسط الأمان؟
2023-12-01 17:22:51
الخطاب الطائفي يتصدر المشهد الانتخابي العراقي
2023-12-01 17:15:00
"مفتي الديار العراقية" يستحوذ على جامع ببغداد للوقف للسني!