2023-11-08 05:16:18

تعليق التعيينات والرعاية الاجتماعية.. منع للاستغلال الانتخابي أم عقوبة جماعية؟

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

+ حجم الخط -

باتت الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول المقبل ثقلا على الكثير من العراقيين الذين ينتظرون تنفيذ الوعود الحكومية بالتعيين وتحسين الحالة المعيشية ودعم الاقتصاد، بعد أن تسببت الانتخابات برأيهم بتعطل تنفيذ تلك الوعود.

فالانتخابات المحلية تسببت بتعليق إعلان التعيينات في بعض مؤسسات الدولة ومنها وزارة التربية، كما تسببت بتوقف التقديم على شبكات الرعاية الاجتماعية الخاصة بدعم فئة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل مؤقت لحين انتهاء العملية الانتخابية، وذلك على خلفية استغلال جهات سياسية ومرشحين للانتخابات لهذه الملفات في الدعاية الانتخابية.

وتبدو ورقة الوظائف الحكومية الأكثر حضوراً في الحملات الانتخابية التي تقودها القوى السياسية المختلفة في العراق ومرشحون للانتخابات المحلية، حيث تستغل هذه الفقرة لتحقيق مكاسب تصويتية، بينما يحلم الكثير من الشباب بفرصة عمل تنتشلهم من البطالة الخانقة التي يعاني منها البلد.

 

توقيف منصة "مظلتي"

وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أكدت أنها ستقوم بمفاتحة مفوضية الانتخابات بشأن سلوك بعض المرشحين لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، واعلنت إيقاف منصة "مظلتي" إلى ما بعد إجراء الانتخابات، وذلك على إثر ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي بقيام بعض المرشحين للانتخابات باستغلال ملف الحماية الاجتماعية، لغرض تحقيق مكاسب انتخابية من خلال إيهام المستفيدين بإظهار أسمائهم في الوجبة السادسة التي أطلقها وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي.

وأشارت الوزارة في بيان تابعته شبكة "الساعة" إلى أن عددا من المرشحين يستغلون منصة "مظلتي" وكذلك الأسماء التي تعلن على موقع الوزارة، ويتصلون بالمواطنين لغرض استغلالهم، مبينة أنها ستقوم بإيقاف المنصة لما بعد إجراء الانتخابات.

 

تعليق تعيينات التربية

أما وزارة التربية فأعلنت هي الأخرى اتخاذ جملة إجراءات من شأنها أن تحافظ على مهنية المؤسسة بعيداً عن أجواء التنافس في انتخابات مجالس المحافظات، ومن ضمنها إيقاف التعيينات لما بعد الانتخابات، ووقف التنقلات وحركة الملاكات التربوية.

المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، قال في بيان، إنه "سعياً من الوزارة الحثيث بالالتزام مهنياً إزاء الأوضاع السياسية مع قرب الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات، قررت جملة من الإجراءات التي تتعلق بتحصين المؤسسة عن التنافس الانتخابي".

القرارات تضمنت أولاً التعاون مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على مستوى تهيئة المدارس وتعاون الهيئات التربوية المُكلفة في الانتخابات، وثانياً منع الترويج والتعبئة ودخول المرشحين داخل المؤسسات التربوية حسب توجيهات رئيس مجلس الوزراء.

كما تضمنت إيقاف التعيينات ودفعها لما بعد الانتخابات، منعاً للضغوط السياسية وحرصاً على سلامتها لضمان حقوق التنافس بين الخريجين بعدالة دون مزايدات أو وعود انتخابية.

وأشار بيان التربية إلى إيقاف التنقلات وحركة الملاكات التربوية لقطع الطريق أمام استغلالها سياسياً خلال فترة الانتخابات وضماناً لسير استقرار العام الدراسي.

وشدد متحدث باسم وزارة التربية كريم السيد على أن الوزارة مؤسسة علمية ضمن إطارها التربوي، وتعمل على وضع حلول لتحدياتها الرئيسية، ضماناً للتخفيف من حدة التراكمات التي تحتاج إلى متابعة متواصلة، حيث تشهد تحسناً بشكل تدريجي وفقاً للخطط الوزارية والحكومية.

 

خطوة محبطة للآمال

قرار التربية تعليق التعيينات والعقود أثار انتقادات من الخريجين التربويين الذين قدموا قبل أشهر على عقود وزارة التربية.

يقول قتيبة نشوان وهو أحد هؤلاء الخريجين: إنه "والكثير من زملائه قدموا على تعيينات بصفة عقود أعلنتها وزارة التربية في أيلول الماضي، وكانوا ينتظرون إعلان نتائج التقديم بفارغ الصبر حتى تفاجؤوا بقرار تعليق التعيين".

وأضاف في حديث لشبكة "الساعة": أن "توقيف التعيينات مثل ضربة لكثير من الخريجيين بينما كان الأجدر بوزارة التربية أن تقوم بإطلاق الدرجات بأسرع وقت ممكن مع تشديد الرقابة على فرز المتقدمين وإعلان التعيينات وفق النقاط والاستحقاق"، مبينا أن "تأجيل التعيينات لن يضر الطبقة السياسية ولا المسؤولين في الدولة ولكن سيضر المواطن البسيط"، ومشيرا إلى أن" تعليق التعيينات لن يحل المشكلة فالجهات السياسية التي تمسك بوزارة التربية ومديرياتها يمكن أن تتحكم بتوزيع العقود في الفترة التي تعقب الانتخابات".

 

إخفاق حكومي

أما الناشط المدني عمار العبادي فأكد أن تعليق تعيينات في التربية وغلق منصة تسجيل أسماء الفقراء والمحتاجين والعاطلين ضمن شبكة الرعاية الاجتماعية دون اتخاذ إجراءات رادعة بحق الجهات الحكومية والمرشحين الذين يستغلون تلك الملفات في الدعاية الانتخابية يعكس ضعف الدولة وسلطتها وغياب القانون في البلاد.

وقال العبادي في حديث لشبكة "الساعة": إن "وزارتي العمل والتربية شخصتا وجود تدخلات سياسية واستغلالا لمقدرات وموارد الدولة لأغراض انتخابية وبدل أن تقوم بتقديم المتورطين بتلك الأفعال إلى القضاء ومحاسبتهم تقوم بمعاقبة المواطنين من الخريجين والمحتاجين الذين يأملون ظهور أسمائهم ضمن قوائم المعينين وشبكات الحماية الاجتماعية".

وتابع: أن "تأجيل إعلان التعيينات لا يعني عدم خضوعها للاستغلال السياسي"، مبينا أن "الجهة السياسية تتحكم بالوزارة الفلانية والدائرة الفلانية يمكنها أن تقوم بالاستيلاء على التعيينات وتوزعها لمقربين منها حتى وإن كانت الانتخابات قد انتهت".

 

خطوة صحيحة

 بينما دافع عضو نقابة المعلمين العراقيين علي يونس عن إجراءات وزارة التربية ووصفها بأنها خطوة صحيحة في طريق عدم التلاعب بالتعيينات الخاصة بالكوادر التربوية والتدريسية.

وقال يونس في حديث لشبكة "الساعة": إن "تأخير إطلاق التعيينات لشهرين آخرين لن يؤثر كثيرا على الخريجين الذين ينتظرون التعيينات منذ سنوات"، مبينا أنها "خطوة تصب في صالح المتقدمين للتعيينات وضمان حقهم في الحصول على استحقاقهم بالتعيين".

وأشار إلى أن "تأخر التعيينات حاليا يعني عدم تحكم الجهات السياسية بأصوات الذين قدموا على التعيينات، وبالتالي فإن الدرجات ستبقى لما بعد الانتخابات وستجري بشفافية ونزاهة شرط فرض الوزارة إجراءات مشددة في آلية توزيع الدرجات وضمان عدم استغلالها سياسيا مرة أخرى حتى بعد الانتخابات".

وأوضح يونس أن "وعود التوظيف التي يطلقها السياسيون في حال عدم وجود درجات وظيفية لا تلقى صدى واسعا بين الناخبين، لكن وجودها قبل الانتخابات يسهل من تحكم السياسيين بأصوات الناخبين الذين يسعون للحصول على فرصة للتعيين".

ويجري استغلال الدولة في الأغراض الانتخابية من خلال قيام مسؤولين كبار في الدولة العراقية بينهم وزراء ووكلاء وزراء ومحافظين ونواب باستخدام أموال الدولة وآلياتها وملف التعيينات وقطع الأراضي وملفات التعويضات وحتى الرعاية الاجتماعية لصالح تحالفات حزبية يرعاها هؤلاء المسؤولين المتنفذين من أجل ضمان فوزهم في الانتخابات.

بينما تنص ضوابط وتعليمات مفوضية الانتخابات على منع استغلال أبنية الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، وأماكن العبادة، لأي دعاية أو أنشطة انتخابية للمرشحين والأحزاب والتحالفات، كما تحظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام، أو من موازنة الوزارات، أو من أموال الأوقاف الدينية، أو من أموال الدعم الخارجي، ويُحظر ممارسة أي شكل من أشكال الضغط، أو الإكراه، أو منح مكاسب مادية، أو معنوية، أو الوعد بها، بقصد التأثير على الناخبين ونتائج الانتخابات.

وحدد مجلس الوزراء يوم 18 من شهر كانون الأول المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات التزاماً بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في شهر تشرين الأول 2022.

وستكون هذه أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق شهر نيسان 2013 التي تصدرت خلالها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج، وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009 فقط.

اخترنا لك