2023-11-06 14:17:29
سليمان أحمد- شبكة الساعة
شهدت الساحة العراقية خلال الساعات الأخيرة تطورات سريعة متداخلة مع الأحداث الجارية في قطاع غزة والعدوان "الإسرائيلي"، وذلك بالتزامن مع زيارة لإيران يجريها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وتمثلت التطورات بزيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إلى بغداد والمنطقة، والتهديدات المتواصلة من قبل الفصائل العراقية بتصعيد الهجمات ضد القواعد والمصالح الأمريكية في العراق والمنطقة، ووصولها لمرحلة التهديد بإغلاق السفارة الأمريكية بالقوة.
ومع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره الثاني، تتواصل الأصوات العربية والعالمية لوقف القتال والإعلان عن هدنة إنسانية سريعة، لكن الولايات المتحدة والدول الغربية ما تزال تدعم توجه الاحتلال الإسرائيلي في مواصلة القتال لحين القضاء على حركة حماس.
أحداث غزة ألقت بظلالها على الأوضاع في العراق والتي وصلت مرحلة متطورة من التهديدات المتبادلة بين الفصائل المسلحة القريبة من إيران والولايات المتحدة.
ومنذ أيام أعلن السوداني موقف حكومته الرافض لاستهداف القواعد العسكرية الأمريكية التي تتواجد بتنسيق مع السلطات العراقية، كما أعلن عن توجيه حكومي لملاحقة الجهات التي تستهدف تلك القواعد، فضلا عن تشديد العمل الأمني لحماية تلك المقرات والمواقع.
السوداني الذي تبنى موقفا رافضا للعدوان على غزة، يبدو محرجا وفي مأزق، فهو لا يستطيع الذهاب مع موقف الجهات والفصائل التي تريد التصعيد ضد المصالح الأمريكية، ولا يستطيع في ذات الوقت الوقوف ضدها كونها هي وأجنحتها السياسية أول من دعم السوداني إلى منصب رئاسة الوزراء، وبإمكان تلك الجهات أن تقيل السوداني وهو ما تتداوله فعليا بعض الجهات القريبة من الإطار.
وسط هذه التحديات وجد السوداني في إيران الحل الوحيد الذي يمكنه من ضبط إيقاع التصعيد في العراق ضد المصالح الأمريكية من جهة، ويضمن له البقاء في منصبه بعيدا عن تهديدات الإقالة من جهة أخرى، بحسب ما يؤكد سياسيون وباحثون في الشأن العراقي.
بلينكن في بغداد
وقبيل ساعات من زيارة السوداني إلى إيران، حل ضيفا ثقيلا على بغداد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي حذر الفصائل العراقية الموالية لإيران من استغلال الحرب في غزة لمهاجمة المصالح الأمريكية داخل العراق.
الوزير الأمريكي الذي التقى السوداني أكد استمرار بلاده بالتعاون الأمني والسياسي مع الحكومة في العراق، وأشار إلى أن واشنطن لا تريد أي مواجهة مع إيران لكن سنتخذ كل الإجراءات لحماية قواتها ومواطنيها.
وبحسب بيان للخارجية الأمريكية فإن "بلينكن حث السوداني، على محاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على الموظفين الأمريكيين في العراق والوفاء بالتزامات العراق بحماية جميع المنشآت التي تستضيف موظفين أمريكيين بدعوة من الحكومة العراقية".
وجاءت زيارة الوزير الأمريكي إلى العراق ضمن جولة أجراها في الشرق الأوسط شملت العاصمة الأردنية عمان وعاصمة الاحتلال "تل أبيب".
احتواء الصراع في غزة
في الإطار الرسمي، جاءت زيارة السوداني إلى إيران والتي استمرت لساعات، للتأكيد على ضرورة التحرك الدولي لوقف الحرب على قطاع غزة، وذلك خلال مباحثات أجراها مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ولقاء مع مرشد إيران علي خامنئي.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسي قال السوداني: إن "من يريد احتواء الصراع ومنع انتشاره بالمنطقة عليه إيقاف عدوان الكيان الصهيوني"، موضحا أن "ما حصل لم يكن وليدة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وإنما نتيجة السياسات الإجرامية للاحتلال ضد الفلسطينيين ومقدساتهم".
وأضاف: "من يُريد احتواء الصراع ومنع انتشاره عليه الضغط على سلطات الاحتلال في وقف العدوان والقتل الممنهج"، منوها إلى أن "قرار جر المنطقة إلى حربٍ شاملة تهدد السلم الأهلي والأمن في المنطقة والعالم هو بيد الطرف الذي يُمارس العدوان على غزة".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن "العراق يؤدي دوره ويتواصل مع دول المنطقة من أجل وقف فوري لإطلاق النار في غزة".
من جهته أكد الرئيس الإيراني أن "المواقف بين العراق وإيران مشتركة في ملف القضية الفلسطينية"، وشدد على "ضرورة وقف إطلاق النار في غزة".
أما مرشد إيران علي خامئني فأشار خلال لقائه بالسوداني بحسب الإعلام الإيراني إلى "الدور الخاص للعراق في زيادة الضغوط السياسية للعالم العربي والعالم الإسلامي على أمريكا والكيان الصهيوني لوقف العدوان على غزة".
ضبط الفصائل
ما سبق مثل الموقف الرسمي المعلن في المؤتمر الصحفي والبيانات الرسمية الصادرة عن الجانبين العراقي والإيراني، حيث يرى الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي العراقي نجم الغزي أن الغرض من زيارة السوداني هو الطلب من الجانب الإيراني الضغط على الفصائل المقربة منها للتخفيف من التصعيد تجاه الأمريكيين.
وقال الغزي في حديث لشبكة "الساعة": إن "زيارة رئيس الوزراء إلى إيران توضع في إطار ضبط الاوضاع الإقليمية في المنطقة"، وأوضح أن "إيران لها الدور السياسي الكبير في العراق فضلا عن سيطرتهم على المجاميع المسلحة المرتبطة بهم والتي تسببت بإحراج حكومة السوداني بسبب التصعيد ضد المصالح الأمريكية في العراق".
وأشار إلى أن "الرسالة الأمريكية خلال زيارة وزير الخارجية واضحة للعراق وهي يجب أن تكون الحكومة العراقية هي التي تسيطر على الأوضاع وليس الفصائل لضمان عدم التصعيد وانزلاق الأمور في البلاد".
وأكد الغزي أن "زيارة السوداني إلى إيران تأتي ضمن هذا السياق وبالتالي التأثير من الجانب الإيراني على الفصائل لتخفيف حدة التوتر في العراق".
وتوقع الباحث السياسي العراقي أن "إيران والفصائل المسلحة العراقية وحزب الله اللبناني متجهين إلى عدم التصعيد مع الجانب الأمريكي في المرحلة المقبلة، ولكن ما سيجري هو بعض المناوشات والهجمات المقبولة ضمن الحدود الأمريكية والتي تلجأ الفصائل مضطرة لإرضاء الشارع وأتباعها على اعتبار أنها حاملة شعار المقاومة ضد أمريكا والاحتلال الإسرائيلي".
رسائل أمريكية
لكن السياسي العراقي المعارض أحمد الأبيض كشف عن أهداف أخرى للسوداني من هذه الزيارة، أبرزها ضمان بقائه في منصبه الذي بات مهددا على خلفية تطورات الأحداث الأخيرة في العراق والتي تأتي ضمن تداعيات الحرب على غزة.
وقال الأبيض في تصريح لشبكة "الساعة" إن "زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى العراق وصفت في الإعلام الأمريكي على أنها زيارة مفاجئة على اعتبار أنها لم تكن مدرجة ضمن جدول الوزير، لكنه أراد من الزيارة إبلاغ الحكومة في العراق بعدة أمور تخص التصعيد الذي يجري تجاه القواعد العسكرية والتهديد بغلق السفارة الأمريكية".
وأضاف الأبيض أن "الوزير الأمريكي وصل إلى بغداد أمس وكان بجعبته 3 رسائل، الأولى تتضمن الرد الأمريكي القوي على الميليشيات في حال التصعيد العسكري، والثاني أن الرد لن يشمل فقط مواقع محدودة للفصائل بل سيشمل ضرب مراكز القيادة لتلك الفصائل فضلا عن قيادتها، والثالثة الرد على استهداف المنشآت الأمريكية في العراق وعدم الاكتفاء بالرد في حال تسببت ضربات الفصائل بمقتل أمريكيين كما كانت تعتمد واشنطن في التعامل مع الفصائل وهجماتها".
وتابع السياسي العراقي المعارض أن "السوداني نقل بدوره إلى الرسائل الأمريكية إلى الجانب الإيراني رغم أن واشنطن لا تثق به"، مبينا أن "مفاد الرسالة المنقولة هو عدم التصعيد من الجانب الإيراني والفصائل المسلحة في العراق تجاه الأهداف الأمريكية وإلا سيكون الرد ساحقا".
ولفت الأبيض إلى أن "السوداني يواجه حاليا ضغوطا أمريكية من جهة مقابل ضغوط الفصائل التي تهدد القوات الأمريكية من جهة أخرى، مبيناً أن "هناك تهديدات بإقالة السوداني إذا اتخذ أي موقف ضد الفصائل".
وشدد أن "رئيس الوزراء في العراق ومن خلال هذه الزيارة أراد أن يضمن بقائه في المنصب وعدم إقالته من قبل القوى التي تتبع إيران في العراق".
: كلمات مفتاحية
2023-12-04 23:31:35
محمد الحلبوسي بعد إقالته يفضح السياسيين
2023-12-01 17:29:10
سيطرات والحواجز الأمنية في العراق لقتل الناس أم لبسط الأمان؟
2023-12-01 17:22:51
الخطاب الطائفي يتصدر المشهد الانتخابي العراقي
2023-12-01 17:15:00
"مفتي الديار العراقية" يستحوذ على جامع ببغداد للوقف للسني!