2023-11-03 11:03:26

ألف مجزرة في غزة.. انحياز أمريكي لصالح "إسرائيل" بمواجهة تهم الإبادة وجرائم الحرب

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

+ حجم الخط -

مع اقتراب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من إكمال شهره الأول، باتت الحقيقة أكثر وضوحا أمام العالم، حقيقة تؤكد ارتكاب الاحتلال مجازر مروعة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق معايير القانون الدولي التي تجاوزها الاحتلال بدعم غربي غير مسبوق.

آخر حصيلة ميدانية لضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة الذي بدأ يوم السابع من تشرين أول / أكتوبر الماضي أشارت إلى استشهاد 9227 فلسطينيا وإصابة 32516 آخرين.

بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة فإن من بين القتلى الـ 9227 يوجد 3826 طفلا و2405 سيدة، بالإضافة إلى 1000 قتيل وفقيد وجريح في مجزرتي جباليا.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بأن 16 مستشفى، و32 مركزا صحيا من أصل 52 مركز رعاية أولية، خرجت عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي.

وأوضح أن "المستشفيات التي خرجت عن الخدمة هي التركي، بيت حانون، الوفاء، الخدمة العامة، أصدقاء المريض، الكرامة، حيفا، الدولي للعيون، مسلم التخصصي، الدرة، حمد، دار السلام، اليمن السعيد، سان جون، الحياة، يافا".

ولفت المكتب الإعلامي الحكومي إلى "استشهاد 135 من الكوادر الصحية، وتدمير 25 سيارة إسعاف جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".

وبحسب وزارة الصحة في القطاع فإن "الاحتلال ارتكب خلال الساعات الـ 24 الماضية 15 مجزرة راح ضحيتها 256 شهيدًا، ما رفع عدد المجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد العائلات الفلسطينية إلى 965 مجزرة".

الوزارة أشارت إلى "تلقيها 2060 بلاغًا عن مفقودين تحت الأنقاض منهم 1150 طفلا، منذ بدء العدوان على غزة".

وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف، إن "الغرب الداعم لإسرائيل يتحمل مسؤولية الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة منذ 27 يوما".

بالمقابل أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه "شن ما يزيد عن 12 ألف غارة على قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

 

جرائم إبادة

ومع استمرار الهجمات الوحشية ضد المدنيين في غزة، بدأ الرأي العام العالمي بالتحرك نحو إدانة العدوان الإسرائيلي الذي بدا واضحا للجميع أنه وصل مرحلة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

مقررون خاصون للأمم المتحدة من بينهم المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، حذروا من أن "الشعب الفلسطيني معرض لخطر الإبادة الجماعية، ودعوا لوقف إنساني لإطلاق النار".

وقال المقررون -في بيان أصدروه أمس الخميس- إن "القصف الإسرائيلي الذي استهدف مجمعا سكنيا في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة قبل يومين، انتهاك صارخ للقانون الدولي، وجريمة حرب".

وأكدوا أن "مهاجمة مخيم يؤوي مدنيين، بينهم نساء وأطفال، يعد انتهاكا صارخا لقواعد التناسب والتمييز بين المقاتلين والمدنيين".

 

جرائم حرب

المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أكدت أن "القصف الإسرائيلي لمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة قد يرقى إلى جرائم حرب".

وتسبب قصف على مخيم جباليا الثلاثاء والأربعاء على التوالي بمقتل وإصابة عشرات الأشخاص.

وجاء في منشور للمفوضية على منصة "إكس" أنه "نظرا للعدد الكبير من الضحايا المدنيين وحجم الدمار بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين، لدينا مخاوف جدية من أن هذه هجمات غير متناسبة يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب".

 

العفو الدولية

أما منظمة العفو الدولية فقد اعتبرت الهجمات التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه يرقى إلى جرائم حرب.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان: إنه "مع استمرار القوات الإسرائيلية في تكثيف هجومها الكارثي على قطاع غزة، وثقت المنظمة ارتكاب القوات الإسرائيلية هجمات غير قانونية، من بينها غارات عشوائية، تسببت في سقوط أعداد كبيرة في صفوف المدنيين، ويجب التحقيق فيها على أنها جرائم حرب".

ودعت العفو الدولي إلى "وقف فوري للهجمات غير القانونية في غزة والالتزام بالقانون الدولي الإنساني بما في ذلك من خلال ضمان اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين والأعيان المدنية إلى أدنى حد ممكن، والامتناع عن الهجمات المباشرة على المدنيين والأعيان المدنية والهجمات العشوائية وغير المتناسبة".

ودعت العفو الدولية الاحتلال الإسرائيلي إلى "السماح بوصول غير مُعرقل للمساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، والرفع الفوري لحصارها غير القانوني على غزة، والذي يصل إلى حد العقاب الجماعي ويشكّل جريمة حرب، في مواجهة الدمار الحالي والضرورات الإنسانية، والتراجع عن أمر الإخلاء المروّع للقطاع الذي ادى إلى تشريد أكثر من مليون شخص".

إلى ذلك أعلنت بوليفيا قطع علاقاتها الديبلوماسية مع الاحتلال الاسرائيلي احتراماً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وقال مندوب بوليفيا لدى الأمم المتحدة في كلمة له خلال الجلسة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة بشأن فلسطين إن "إسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في غزة وتجب محاسبتها".

 

تجاهل القانون الدولي

المجازر "الإسرائيلية" المستمرة تقع على مرأى ومسمع من العالم، بينما يتابع الاحتلال جرائمه دون أن يأبه بحقوق إنسان، ولا برأي عام عربي أو عالمي، بل يتجرأ على تقديم جدلية حول ما يسمّيه "حقَّه" في الدفاع عن النفس، وفي اتهام حماس وقوى المقاومة بـ"الإرهاب" وقتل المدنيين، وهو أمر ينافي الحقيقة بشكل قاطع.

وشكل الدعم الأمريكي العامل الأهم لتمادي الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ جرائمه الوحشية في قطاع غزة، إذ أن واشنطن كانت وما تزال الحامي الأكبر لإسرائيل في المحافل الدولية حتى قبل عملية طوفان الأقصى وما تلاها من هجوم غير مسبوق على غزة، ويظهر ذلك من خلال وقوف الولايات المتحدة وشركاؤها في وجه إنفاذ أكثر من 900 قرار دولي للجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤسساتها ضد الاحتلال، واستخدام الفيتو لمنع صدور أي قرارات ملزمة للكيان الإسرائيلي عن طريق مجلس الأمن.

وتحت هذا الغطاء من القوى الكبرى ظلت "إسرائيل" دولةً فوق القانون، وخارج منظومة الضغوط والعقوبات. وهو ما منحها الجرأة على الاستمرار في احتلالها وعدوانها على مدى عشرات السنوات، وعلى التعامل بعجرفة وفوقية مع المنظومة الدولية.

 

واشنطن تواصل الدعم

ورغم موقف الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، إلا أن الجانب الأمريكي ما يزال ملتزما بالدفاع عن "إسرائيل".

ويتجلى الموقف الأمريكي الداعم وبشكل مستمر للاحتلال الإسرائيلي من خلال موافقة مجلس النواب الأميركي -الذي يسيطر عليه الجمهوريون- على مشروع قانون لتقديم مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار لـ"إسرائيل"، وذلك رغم تأكيد الديمقراطيين أنه لن تتم المصادقة عليه في مجلس الشيوخ الذي يسيطرون عليه.

 

أمريكا ترفض إدانة "إسرائيل"

المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر رفض مؤخرا اعتبار قصف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين في قطاع غزة جريمة حرب.

وتهرب ميلر من الإجابة على أسئلة للصحفيين خلال مؤتمر عقد أمس الخميس، عن سبب عدم إدانة واشنطن لقصف الاحتلال لمخيم جباليا شمال قطاع غزة، الذي أدى لاستشهاد مئات الفلسطينيين.

وردا على سؤال عما إذا كانت وزارة الخارجية الأميركية تعتبر ما تقترفه "إسرائيل" في غزة جرائم حرب، قال ميلر إن "الوزارة ليس لديها حاليا تقييم بهذا الشأن".

ورد على سؤال عن أسباب عدم إدانة الولايات المتحدة لمقتل مئات المدنيين في القصف على مخيم جباليا، قائلا: إن "الإدارة الأميركية تشعر بالأسف الشديد لمقتل المدنيين، وستواصل تنبيه الإسرائيليين لضرورة تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين".

 

نفاق وصمت دوليي

الموقف الأمريكي المنحاز دفع مظمة هيومن رايتس ووتش، إلى توجيه التهم للولايات المتحدة والدول الغربية بالنفاق والصمت إزاء الاستهتار الإسرائيلي الوحشي بحياة المدنيين في قطاع غزة.

وقال توم بورتيوس، نائب مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش، إن "رد فعل واشنطن والعواصم الأوروبية إزاء ما تقوم به إسرائيل في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو الصمت".

وقارن بورتيوس بين تعاطي أميركا وحلفائها الغربيين مع الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة منذ نحو 18 شهرا، وموقفهم من الحرب التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة والحصار الذي تفرضه على سكان القطاع، الذي قال إنه "يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي ويمثل جريمة حرب".

 

عاصفة معارضة

وبدأت تداعيات الانحياز الأمريكي لإسرائيل بالظهور بشكل معارض داخل المؤسسات الأمريكية الرسمية وأبرزها وزارة الخارجية.

حيث سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على ما وصفتها بـ "عاصفة معارضة" تختمر في وزارة الخارجية الأمريكية جراء موقف الوزير، أنتوني بلينكن، من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وذكرت المجلة أن "بلينكن كتب رسالته، بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول، عن مدى صعوبة "الأزمة الحالية بالنسبة لموظفي وزارة الخارجية وكرر دعواته ودعوات الرئيس، جو بايدن، إلى إسرائيل لاحترام سيادة القانون والمعايير الإنسانية الدولية".

وكتب بلينكن، في الرسالة: "دعونا نتأكد أيضًا من توسيع مساحة النقاش والمعارضة التي تجعل سياساتنا ومؤسستنا أفضل".

وكان السطر الأخير من الرسالة على وجه الخصوص معبراً، فبينما كان بلينكن يتنقل بين عواصم الشرق الأوسط، كانت عاصفة متنامية من المعارضة تختمر في السلك الدبلوماسي الأمريكي، حيث كان العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين يشعرون بالغضب والصدمة بسبب ما اعتبروه بمثابة "شيك على بياض" من واشنطن لإسرائيل في حربها بقطاع غزة بتكلفة إنسانية باهظة للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين.

وتحول هذا الغضب إلى موجة معارضة شديدة لنهج بايدن الأولي تجاه الحرب بين صفوف مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين، ما وضع كبار مسؤولي إدارة بايدن في موقف دفاعي في الخارج والداخل.

وبحسب "فورين بوليسي فإن "المعارضة لا تزال مشتعلة بوزارة الخارجية، وستختبر رد إدارة بايدن على المزيد من التقلبات في الصراع"، مشيرة إلى "أن المزيد من الاعتراضات الداخلية من صناع السياسات على كل المستويات في الأسابيع المقبلة يمكن أن تغير حسابات الدولة الوحيدة التي لا يزال بإمكانها تخفيف نهج إسرائيل في الحرب".

اخترنا لك