2023-10-31 03:52:12

الصدر يتقصد إحراج "الإطار التنسيقي" بدعوة إغلاق السفارة الأمريكية

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

+ حجم الخط -

ألقى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بظلاله على الأوضاع الداخلية للعراق من جهة، وعلى العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى كونها الداعم الأكبر للكيان الصهيوني في عدوانه على غزة.

تداعيات الأحداث في غزة على الساحة العراقية بدأت مع تهديدات الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في البلاد باتفاق مسبق مع السلطات العراقية، وسرعان ما تحولت تلك التهديدات إلى هجمات صاروخية محدودة هدفها إيصال رسائل لواشنطن بأن الفصائل المسلحة ما تزال صاحبة الكلمة العليا في العراق.

مؤخرا تطورات انعكاسات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الداخل العراقي بإطلاق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعوة لغلق السفارة الأمريكية في بغداد، وذلك من خلال تشريع قرار في البرلمان العراقي ينص على ذلك.

الصدر طالب يوم الجمعة الماضي في بيان الحكومة والبرلمان العراقيين ولأجل مصالح عامة لا خاصة حسب وصفه، بالتصويت على غلق السفارة الأمريكية في العراق بسبب الدعم الأمريكي اللامحدود للصهاينة ضد غزة.

وأكد الصدر في دعوته على ضرورة حماية أفراد السفارة الأمريكية الدبلوماسيين، وعدم التعرض لهم ممن وصفهم بالميليشيات الوقحة، التي تريد النيل من أمن العراق وسلامته، في حال التصويت على القرار.

ولوح زعيم التيار الصدري في حال عدم استجابة الحكومة والبرلمان لطلب غلق السفارة بموقف آخر سيتم الإعلان عنه لاحقا.

 

تدمير العراق

وجاء الرد الحكومي الرسمي على دعوة الصدر لغلق السفارة الأمريكية واضحا لا لبس فيه، حيث أكدت أن قرار إغلاقها يعني تدمير العراق.

وقال الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي خلال تصريح عبر قناة العهد التابعة لحركة "العصائب": إن "المطالبات بإغلاق سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد من شأنها تدمير العراق".

وذكر العوادي أن "هناك التزامات دولية كثيرة على العراق، وأن أي قرار يستهدف البعثات الدبلوماسية يؤثر بشكل كبير على العلاقات الخارجية العراقية".

وأضاف أن "القرار الذي اتخذته الحكومة بغلق السفارة السويدية لدى العراق أدى إلى قلق دولي؛ إذ وصلت إلى بغداد مطالب من مختلف السفارات بوجوب حفظ البعثات الدبلوماسية من الاعتداءات المتكررة عليها"، في إشارة إلى قرار الحكومة السابق بغلق السفارة السويدية على خلفية قضية حرق المصحف الشريف في السويد.

وشدد العوادي على أن قراراً مثل غلق السفارة الأميركية لن يؤثر فقط على اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد، إنما سيؤدي إلى دمار العراق بسبب الأهمية الدولية لوجودها في العراق، حسب تعبيره.

 

الإطار يرفض ضمنيا

ويرى مراقبون أن ظهور المتحدث باسم الحكومة العراقية بهكذا تصريح وعبر قناة "العهد" بالتحديد، يكشف ضمناً عن أن حركة "العصائب" التي يتزعمها قيس الخزعلي، والجماعات والفصائل الشيعية داخل الإطار التنسيقي التي شكلت حكومة السوداني، غير متفقة مع دعوة الصدر لغلق سفارة واشنطن في بغداد.

كما أن تفضيل المتحدث باسم الحكومة، الظهور على قناة "حزبية" للتعبير عن موقفه من غير منصات الرسمية، يفسره المراقبون على أنه محاولة من الحكومة لتلافي الانتقادات التي قد توجه لها من الفصائل في موقفها من الولايات المتحدة الأميركية، في حال لو أعلنت ذلك عبر بياناتها ومنصاتها الرسمية.

 

البرلمان يتحفظ

وردا على دعوة زعيم التيار الصدري، قدم 32 برلمانياً عراقياً من أصل 329 آخرين، طلباً إلى رئاسة البرلمان بغلق السفارة الأمريكية في بغداد وطرد السفيرة آلينا رومانسكي.

وقدم النواب طلبا بعنوان (عقد جلسة استثنائية مخصصة للقضية الفلسطينية) وجاء فيه: إنه "بالنظر إلى عمليات الإبادة والظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها أهلنا في غزة المحاصرة بسبب العدوان والحرب المعلنة رسميا من قبل الكيان الصهيوني والتهديد الغاشم بتهجير أكثر من مليون مواطن فلسطيني من شمال غزة نتقدم استنادا إلى المادة 28 من النظام الداخلي لمجلس النواب بطلب عقد جلسة استثنائية مغلقة تخصص فقط لمناقشة قضية طرد السفيرة الأمريكية وغلق السفارة وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع كل الدول الداعمة للكيان الصهيوني".

فيما يذهب الكثير من النواب برؤية مختلفة، حيث يؤكدون أن المساس بالبعثات الدبلوماسية بهذا الشكل سيجعل العراق في عزلة دولية.

وأكد أعضاء في مجلس النواب لشبكة "الساعة" أنهم يرفضون الطلب الخاص بشأن إغلاق السفارة الأمريكية، لأنه سيقود العراق باتجاه مشاكل لا يمكن تجاوزها، لكنهم رفضوا الإدلاء بتلك التصريحات بأسمائهم وعلنا أمام وسائل الإعلام.

وأشار نائب في البرلمان في حديث لشبكة "الساعة" إلى أن إغلاق السفارة الأمريكية سيجعل العراق كإيران من ناحية الانهيار والتدهور الاقتصادي، لأن منح الدولار للعراق مرهون بالقرار الأمريكي.

فيما قال نائب آخر لشبكة "الساعة": إن "إغلاق السفارة يعني أن العراق سيفتح على نفسه بابا من المشاكل من الصعب إغلاقه"، وبين أن "أهم تلك المشاكل تتمثل بسحب قوات التحالف ويقاف برامج التدريب والتسليح وترك العراق في مواجهة خطر داعش والسلاح المنفلت لوحده، إضافة إلى تقليل سيولة الدولار وتشديد العقوبات بشأن منحه للعراق، وإلغاء استثناء العراق من استيراد الغاز والكهرباء من الجانب الإيراني، ووضع العراق بعزلة دولية، كون إغلاق السفارة الأمريكية سيتبعه مباشرة إغلاق سفارات الدول الأوروبية والغربية".

من جهته، استبعد فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي إغلاق السفارة كون القوى السياسية تدرك طبيعة التحديات التي تواجه العراق في حال التصويت على غلق السفارة الأمريكية وانعكاساتها.

وأوضح الشمري في لقاء تابعته شبكة "الساعة" أن "الصدر شخصية واعية وقائد سياسي وبالتأكيد يستحضر مخاطر دفع البلد نحو عدم الاستقرار السياسي أو الأمني التي يريدها البعض والتي يدفع ثمنها الناس وليست القوى المتنافسة"، حسب وصفه.

 

استبعاد غلق السفارة

كما استبعد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إغلاق السفارة الأمريكية في العراق بناء على دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وبين أن الصدر أحرج بهذه الدعوة الحكومة العراقية من جهة والإطار التنسيقي من جهة أخرى ولا سيما أنه يحمل شعار المقاومة ضد الولايات المتحدة و "إسرائيل".

وقال الشمري في حديث لشبكة "الساعة": إن "دعوة الصدر لغلق السفارة تأتي ضمن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية والمناهض للحرب على غزة"، مبينا أنها "تضمنت دعوة تحفيزية لحكومة السوداني التي شكلها الإطار لاتخاذ فعل سياسي بعيدا عن الشعارات التي يطلقها الإطار التنسيقي ضد الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: أنه "من الصعوبة إغلاق سفارة واشنطن في بغداد، وأن السوداني ومجلس النواب لن يتعاطوا مع دعوة الصدر".

وأوضح الشمري أن "الإطار التنسيقي يدرك أن دعوة غلق السفارة جاءت من الصدر لإحراجهم بسبب تبينهم الموقف المعادي للتدخل الأمريكي في الحرب"، لافتا إلى أن "الإطار يدرك أيضا أن التعاطي مع دعوة الصدر سيؤدي إلى فقدانهم المعادلة السياسية وسيؤدي إلى تدمير العراق، وهو ما يفسر عدم وجود رد رسمي من الإطار على دعوة الصدر لغاية الآن".

وفيما يخص الموقف الأمريكي من هذه الدعوة، قال الشمري: إن "الجانب الأمريكي لن يتعامل مع هذه الدعوات وسيتعامل مع المواقف الرسمية، فضلا عن أنه يدرك أهمية تواجد السفارة الأمريكي وبقائها في الفترة المقبلة".

وتوقع الشمري أن "يلجأ الصدر إلى خطوات أخرى ضاغطة على الحكومة بدل إغلاق السفارة، كما توقع أن الإطار سيلجأ إلى الدفع بخطط جديدة للخروج بمواقف ضاغطة على الولايات المتحدة لتحجيم دعوة الصدر الحالية".

فيما أكد مقربون من الإطار التنسيقي عدم تدخل قوى الإطار بموضوع إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، خصوصا أنهم تعرضوا في المرة السابقة إلى القتل والعقوبات حين اقتحموا السفارة الأمريكية نهاية 2019.

وأشار السياسي المقرب من الإطار، حيدر البرزنجي، إلى ضرورة أن يترك موضوع غلق السفارة إلى الصدر والشعب، داعيا الإطار وقياداته إلى عدم التفاعل مع دعوة الصدر.

بالمقابل اعتبر عصام حسين، الباحث في الشأن السياسي والمحسوب على التيار الصدري، هجوم "الإطار" على الصدر بأنه خوفا من ضياع السلطة.

وقال حسين: إن "حملة الإطار الإعلامية" ضد زعيم التيار هدفها أخذ ضمانات للبقاء في الحكومة لغاية العام 2025 مع التجديد لدورة ثانية".

اخترنا لك