2023-03-16 21:33:45
سيف العبيدي - شبكة الساعة
طيلة السنوات العشر الماضية، اتسمت العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بالتوتر وغياب الثقة، وبدأ هذا التوتر خلال الولاية الثانية لنوري المالكي (2010 – 2014)، وزاد خلال حكومة العبادي ولاسيما في العام 2017 ووصل إلى الصدام العسكري بين الجانبين.
وخلال حكومة السوداني، دخلت العلاقات الثنائية بين بغداد وأربيل مرحلة جديدة من التقارب، وتوج هذا التقارب بزيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأولى منذ توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى مدينتي أربيل والسليمانية، ولقائه قادة إقليم كردستان.
وناقش السوداني خلال الزيارة الملفات العالقة مع القيادات الكردية وسط تأكيدات الجانبين عزمهما نحو حل الخلافات بشكل دائم.
وأبرز الملفات العالقة بين حكومتي المركز والإقليم المناطق المتنازع عليها وقانون النفط والغاز وتسليح البيشمركة وحصة الإقليم من الموازنة.
وينص قانون النفط والغاز على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مناطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع.
مؤخرا أعلن السوداني التوصل إلى تفاهمات تتعلق بحصة الإقليم في الموازنة المالية للبلاد والتي يقدر لها أن تكون 152 مليار دولار، بتخصيص 12% منها لكردستان العراق، على أن يتم إيداع عائدات النفط الخاصة بالإقليم في حساب بنكي خاضع للحكومة العراقية.
ووصف السوداني لقاءاته مع قادة كردستان بـ"المثمرة والبناءة"، وقال "وجدنا تفاعلا إيجابيا مع خطواتنا في تنفيذ برنامجنا الحكومي، كما لمسنا رغبة جادة في العمل معا لتحقيق تطلعات أبناء شعبنا العزيز في كل مكان".
وأضاف السوداني: أن "الحكومة تمتلك الإرادة والرغبة الجادة في إنهاء الملفات العالقة وبشكل جذري، والانتقال إلى أفق واسع من العمل المشترك والفرص الاقتصادية".
ويبدو أن عودة التقارب بين بغداد وأربيل يرجع لعودة الثقة بين القوى السياسية الشيعية والكردية، وهو ما يذهب إليه النائب عن الإطار التنسيقي رفيق الصالحي.
الصالحي قال في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الفترة السابقة كانت تشهد حالة من عدم الثقة بين الطرفين وهو ما تسبب بعدم وجود حلول للمشاكل العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل".
وأضاف: أن "الحكومة الحالية برئاسة السوداني انطلقت من تحالف إدارة الدولة والذي يشارك فيه الكرد "الحزب الديمقراطي الديمقراطي" و "الاتحاد الوطني الكردستاني" إلى جانب الإطار التنسيقي والقوى السنية"، وبين أن وجود القوى الكردية ضمن التحالف المشكل للحكومة انعكس إيجابا على تصفير المشاكل بين المركز والإقليم في الكثير من الملفات والتي بدأت من ملف الموازنة".
وتابع الصالحي: أن "خير بادرة لتصفير المشاكل هو زيارة السوداني إلى إقليم كردستان وتبينه خطة لحل المشاكل بين الحزبين الكرديين وإعلان حلبجة محافظة ما سبب ارتياحا عند الجانب الكردي"، مشيرا إلى أن خطوات السوداني تعامل معها الجانب الكردي بجدية في تجاوز المشاكل العالقة وطي صفحتها بالكامل والبدء بذلك من خلال تشريع قانون النفط والغاز المختلف عليه منذ أكثر من 15 عام.
ويتفق مع ذلك القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، الذي عبر عن تفاؤل كردي كبير في المرحلة المقبلة.
وقال عبد الكريم في تصريح لشبكة "الساعة" إن "هناك تفاؤلا بحل المشاكل ودليل ذلك الانفراج على أرض الواقع فيما يخص الموازنة وحصة كردستان فيها".
وتابع: أن "رئيس الوزراء تعهد في أكثر من مناسبة بحل الملفات العالقة وفق الدستور والقانون، وأعقب ذلك خطوات فعلية لاسيما فيما يخص قانون النفط والغاز الذي يعتبر حلقة مهمة لتجاوز الخلافات بين بغداد وأربيل.
لكن هناك من يشكك بقدرة الجانبين على حل الخلافات لاسيما فيما يخص قانون النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها، لأن الحل يكمن في تنازل أحد الطرفين للآخر وهو ما يرفضه الجانبان لغاية الآن.
يقول السياسي الكردي المستقل صابر إسماعيل: إنه "لا يتوقع أن ینجح السوداني في حل الملفات العالقة مع الجانب الكردي".
وأضاف: أن "كل طرف يريد مصلحته الخاصة ولا يريد مصلحة الشعب العراقي عموما، لأن مصلحة العراق تكون عبر تطبيق الدستور العراقي والانصياع لقرارات المحكمة الاتحادية العليا وهذا الأمر يصعب تطبيقه على الجهات التي لا تثق بقرارات هذە المحكمة"، في إشارة إلى القوى الكردية.
وتابع السياسي الكردي المستقل: أن "ملف النفط والغاز لصالح العراقيين جميعا بما في ذلك مواطني إقليم كردستان صعب جدا ما دام هناك من يستفيد من سرقة أموال الشعب عن طريق بيع النفط" حسب تعبيره.
لكن إسماعيل توقع أن تتوصل بغداد وأربيل إلى حلول بشأن إدارة المناطق المتنازع عليها في المرحلة المقبلة.
ومع الحديث عن اتفاق لتمرير قانون النفط والغاز وتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها أثيرت تساؤلات عن إمكانية تخلي الطرف الأساس في الحكومة الحالية "الإطار التنسيقي" عن الحقوق العراقية من خلال مسمى حل الملفات العالقة مع الكرد.
يقول الناشط علي العبيدي في حديث لشبكة "الساعة" إن: "الكرد لن يرضوا بخضوع قواتهم العسكرية لسلطة القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها في حال نشرها مستقبلا".
وأضاف: أن "القوى الكردية لن ترضى بتسليم واردات النفط في الإقليم بشكل كامل إلى حكومة المركز وهذا ما سيجعل الاتفاق بشأن قانون النفط والغاز أمرا مستحيلا إلا إذا قرر الإطار التنسيقي التنازل عن نفط الإقليم لحكومة إقليم كردستان والقوى السياسية في الإقليم".
وخلاف ذلك، يرى المحلل السياسي القريب من الإطار التنسيقي عباس العرداوي أن حل الخلافات العالقة لا يعني التنازل عن الحقوق.
وقال العرداوي في حديث لشبكة "الساعة": إن "حكومة السوداني حققت نجاحا واضحا في حل وتجاوز العديد من الخلافات مع الجانب الكردي".
وأوضح أن الدليل على البداية الناجحة لخطوات السوداني في حل الملفات العالقة مع الكرد تتمثل بالتوافق بشأن تمرير الموازنة وحصة الكرد فيها والتي تقدر بـ 12.6 من الموازنة، فضلا عن التوافقات الأولية بخصوص قانون النفط والغاز، إضافة إلى نشر قوات عسكرية مشتركة على الحدود الشرقية مع الجانب الإيراني والذي ساهم في تجاوز المشاكل في تلك المنطقة الحدودية.
وأضاف العرداوي: أن "تلك الخطوات السابقة يمكن أن تسجل كنقطة إيجابية للسوداني وحكومته"، مؤكدا أنها تمثل خطوة لإعادة الثقة والذي يعتبر الأساس في نجاح أي مفاوضات أو اتفاقات بين الجانبين.
وختم حديثه بالقول: إن "حكومة بغداد وقوى الإطار ملزمة بالتعامل مع كل المكونات وفق مبدأ الشراكة، مشددا على أن الشراكة وتنفيذ القانون والدستور في إدارة ملف النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها لا يعني التنازل عن الحقوق العراقية الخاصة بتلك الملفات.
ومنذ عام 2003، تختلف بغداد وأربيل، على موضوع إدارة حقول الإقليم النفطية، حيث يقول المركز إن الإقليم لا يصرح بمبالغ تصدير النفط الحقيقية ولا يسلم تلك المبالغ إليها، بينما تقول كردستان إن الصادرات من الحقول النفطية في أراضيه يجب أن تخضع لإدارته، سواء من ناحية منح التراخيص للاستكشافات الجديدة، أو إدارة الحقول الموجودة أصلا، أو التحكم في الإنتاج والتصدير للوجهات التي يختارها، أو التعاقد على الشراء والتطوير.
وفيما يخص المناطق المتنازع عليها، تسعى حكومة بغداد لأن تبقى تلك المناطق تحت سلطتها إداريا وأمنيا، عكس ما كان يجري تحت مسمى الإدارة المشتركة "الشكلية" في المناطق المتنازع عليها، حيث كانت تخضع لسلطة إقليم كردستان في جميع الأمور باستثناء الموازنات التي تأخذها تلك المناطق من بغداد.
2023-03-24 11:56:49
النعرات الطائفية تعود للمنابر في العراق
2023-03-24 11:54:09
هل يلقي الاتفاق السعودي الإيراني بظلاله على المجتمع؟
2023-03-23 15:02:33
السوداني في أنقرة وملفات عدة على الطاولة
2023-03-23 14:58:39
العراقيون يستعدون لرمضان ولا ينسون مساعدة الفقراء