2023-10-06 03:54:33

21 يونيو.. عندما هدمت منارة "الحدباء" واختطف من الموصل رمزها

أسماء الكبيسي- شبكة الساعة

+ حجم الخط -

قبل 8 سنوات توجهت أنظار العالم نحو مسجد كبير في مدينة الموصل شمالي العراق، بداخله منبر يعتليه رجل ذو لحية كثيفة، مرتديا لباسا أسود، وملقيا خطبة الجمعة في المصلين، ليعلن فيها أنه "أبو بكر البغدادي"، وأنه "خليفة المسلمين".

من هنا أضحى لمسجد جامع النوري أو الجامع الكبير وسط الموصل، مركز محافظة نينوى، شهرة فاقت ما كان عليه سابقا، وأصبح ذا دلالة كبيرة على استعادة المدينة من "داعش"، بمجرد تمكن القوات العراقية من تحريره من قبضة التنظيم.

ويقع الجامع في منطقة "الموصل القديمة" بالجانب الأيمن من الموصل، حيث الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى قسمين، وتسمى المنطقة المحيطة به "محلة الجامع الكبير".

 

بناء الجامع

بني الجامع الكبير بأمر من السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري (1172م)، أي قبل حوالي 9 قرون، ويعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره مرات، كانت آخرها عام 1363هـ (1944م).

ولم يبق من البناء الأصلي لهذا المعلم سوى مئذنته المعروفة باسم "منارة الحدباء"، والتي اتخذت منها الموصل صفة لها، فأصبحت تعرف بـ "الموصل الحدباء"، إلى جانب المحراب المحفوظ في متحف القصر العباسي بالعاصمة بغداد، فضلا عن بعض الزخارف الجبسية.

وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة، وهي أعلى منارة في العراق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو 50 مترا، وتلفها الزخارف من كل جانب، وقد طبعت على الدينار العراقي من فئة 10 آلاف.

 

المنارة المائلة (الحدباء)

ويشبه الانحناء في منارة الجامع المبنية على قاعدة مكعبة مزينة بالزخارف، برج "بيزا" المائل الشهير في إيطاليا، وقد تم بناؤهما في أوقات متقاربة، حيث بدأ بناء البرج الإيطالي عام 1173م.

والراجح أن انحناء المنارة كان بفعل الرياح الغربية السائدة في الموصل، وتأثيرها على الآجر والجص (مواد تستخدم في البناء).

فيما يذهب تفسير آخر إلى أن القائمين على بناء هذا المعلم تعمدوا هذا الشكل للمنارة، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت، لا سيما مع وجود منازل في الجهة الغربية، لأنه إذا سقطت نحو الشرق، حيث تميل، فستقع على صحن الجامع، وتقلل الخسائر.

ورغم هذا الانحناء في "الحدباء"، إلا أنها ظلت متماسكة رغم شيخوختها في مدينة الموصل العتيقة.

 

حرب الحضارة

للمرة الأولى منذ قرون، استيقظ سكان الموصل يوم 21 يونيو/ حزيران 2017 على مدينة بلا منارة تعلوها، حيث أصبحت المنارة أحد ضحايا الحرب من الموروث التاريخي والحضاري في بلاد ما بين النهرين، حيث أعلنت القوات العراقية أن عناصر "داعش" أقدموا على تفجير جامع النوري ومنارة الحدباء التاريخية في المدينة القديمة.

وعلى الفور، أعلن التنظيم عبر وكالة "أعماق" التابعة له أن "الطيران الأمريكي دمر مسجد النوري الكبير والمنارة الحدباء في الموصل"، وليس عناصره كما قالت القوات العراقية.

 بينما نفى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ضرب المنطقة التي يوجد بها المسجد التاريخي في الموصل، كما وصف جنرال أمريكي تدمير للمسجد الكبير بالموصل بأنه "جريمة ضد شعب الموصل والعراق".

ويحمل جامع النوري أو الجامع الكبير، رمزية كبيرة لـ "داعش"، فمن على منبره أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في صيف 2014، قيام ما سماها "دولة الخلافة" في العراق وسوريا.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، بدأت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بمرحلة إعادة تأهيل منارة الحدباء وكنيستي الطاهرة والساعة، بالشراكة مع دولة الإمارات.

وفقد العراق منذ عام 2003 حتى يومنا هذا، العديد من المعالم الأثرية المهمة على يد الاحتلال الأمريكي ومن ثم تنظيم "داعش"، حيث دمرت متفجرات التنظيم أبرز معالم محافظة نينوى خلال سيطرته عليها، ومنها جامع النبي يونس.

كما جرف "داعش" مواقع أثرية مهمة، بينها مدينة النمرود (30 كلم جنوب الموصل) والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وتعد أحد أهم المواقع الأثرية في العراق والشرق الأوسط.

اخترنا لك