صورة خبر

العراق.. لماذا يتم تهريب الدولار؟

2023-01-01 18:04:24

الكاتب: عبد الحسين الهنين

حتى المبيعات ألنقدية ذات الاستخدام الشخصي فهي كذلك تباع في سوق البورصة ثم تجمع وترزم وتهرب إلى أربيل ثم إلى تركيا ثم دول أخرى. 

بمعنى أن الأصل في وجود المزاد هو تهريب عملة وما عداه هي حاجات ثانوية، هذه الجملة أثارت تساءل بعض الأصدقاء منهم صديق محترم (محمد جعفر الشماع)؛ حيث أجبت بجملة مختصرة، وهنا أرى من الواجب أن أوضح بشكل أكثر وبشكل عام:

ببساطة أن الدولار يتم تهريبه من العراق لأنه يباع بسعر رخيص وأقدر معدل الفرق في كل دولار مع أسواق أخرى غير العراق هو 17 سنتًا تقريبا (بحسب سعر البيع الرسمي حاليا)، وهذا الفرق لا علاقة له بالفرق بين السعر الرسمي وسعر البيع داخل السوق العراقية وإنما هو فرق في القيمة السوقية للدولار في العراق (السعر الرسمي) وبين قيمته السوقية في أسواق البلدان الأخرى (17% ربح كبير جدا في تجارة تشكل المخاطرة فيها Zero %).

البعض يعتقد أن القضية مرتبطة بإيران والعقوبات، صحيح هناك عقوبات مصرفية ضد إيران لكن الحوالات وهي الجزء الأكبر من عملية بيع الدولار تتم مع دول أخرى ليس من بينها إيران بسبب العقوبات.

 الواقع أن أسواق جميع الدول تستقبل وترحب بالدولار القادم من العراق، فالأمر يشمل تركيا وروسيا والصين والهند وغيرها، وحتى الولايات المتحدة نفسها لو كانت هناك فرصة أو تمتلك حدود معنا أو طيران مباشر، لا يوجد سبب آخر للتهريب سوى رخص قيمة الدولار في العراق مثلما كانت تهرب المنتجات النفطية لأنها كانت رخيصة وهكذا بقية المنتجات .

إيران قصتها مختلفة مرتبطة باستحقاقاتها المالية بالدولار الناتجة عن بيع الغاز والكهرباء للعراق (حوالي ثلث إنتاج الطاقة الكهربائية يعتمد على الغاز الإيراني). 

التهريب يتم بطريقين الأول من خلال الحوالات بمباركة البنك المركزي وهو أمر سهل من خلال تقديم فواتير صحيحة ومزيفة أما الثاني فهو التهريب النقدي الذي يحتاج إلى تجميع وإعادة رزم ليرسل بشكل غير قانوني إلى دول أخرى، وشخصيا أعرف أنه يعبر إلى تركيا بشكل مباشر.

الإجراءات التي يقوم البنك المركزي مثل زيادة البيع بطريقة نقدية أو اقتراح العديد من الناس أن يتم تسليم الراتب أو جزء منها بالدولار، أنما هو توسيع للتهريب حيث يتم توفير كميات كبيرة من الدولار تعوض لهم النقص الحاصل نتيجة رفض الفواتير المزيفة.

ما الحل؟ وهو سؤال مشروع لكل مواطن وتحديدا ذوي الدخل المحدود الذي تقل قيمة دنانيرهم السوقية مع أي صعود لقيمة صرف الدولار في السوق العراقي.

بتقديري لا يوجد حل سريع لهذه المعضلة التي وضعنا فيها منذ 18 عاما ونتج على إثرها وبسببها تأسيس مصارف أهلية يفوق عددها أي عدد لمثيلاتها في دول أخرى في المنطقة وهذه المصارف مرتبطة بأصحاب القرار في العراق.

بتقديري أن الحل الحقيقي الذي لن يتمكن البنك من الأقدام عليه هو أن يتبع المركزي سعر السوق الموازي وليس العكس، وان تعالج الحكومة (وزارة المالية) غلاء المعيشة لملايين الموظفين والمتقاعدين بمخصصات غلاء المعيشة تقرر بنسبة معينة، ربما 17% كزيادة تعتبر مناسبة وألا تذكر قيمة صرف الدولار في الموازنة.

هذه الأموال الإضافية سوف لن تشكل خسارة باهظة مقابل عودة القطاعات الحقيقية الإنتاجية للعمل كالزارعة والصناعة التي تم الإجهاز عليها بفعل السياسة النقدية المنحازة للمنتج الأجنبي، بل سيزداد الناتج المحلي الإجمالي أضعاف هذا الرقم بعدد من المرات، فحتى المعامل التي فتحت ونحن نفاخر بها إنما هي مجمعات لأعاده تعبئة لمنتجات أجنبية أو إجراء بعض المعالجات البسيطة لها.

ووصل الأمر أن تلصق عبارة (صنع في العراق) على الغلاف الخارجي لمولدات ذات ماركات عالمية معروفة، وحتى هذه اللصقات مصنعة في الصين أيضا، ويساعد على هذه السرقات أن يتم وضع مادة في الموازنة العامة للبلاد تسمح بذلك تحت بند يمكن تسميته بـ (فساد تحت مظلة القانون).

اخترنا لك